سامي كليب:
يكفي اليوم في لبنان أن تضيف كلمة ” ينتفض” حتى تربح. الربحُ ليس مرتبطاً دائما بشخصية الفائز وإنما بالقطيعة مع الأحزاب التقليدية التي شاخت وهرِمت ولا تريد أن تتغيّر (رغم ان فيها شباباً يتوقون أيضا للتغير). وهو مرتبطٌ أيضا بلعبة المحاور، او بقرف الناس من كل شيء، أو بالرغبة الحقيقية في التغيير والإصلاح، فيكثُر مدّعو الاستقلالية والثورة، ويقلّ المستقلّون الحقيقيون والثوّار الحريصون على مصلحة الوطن لا على مصالحهم حيال المناصب والمال والجاه والشهرة.
وبما أن لُبنان يشبه جبنة Gruyère الفرنسية الشهيرة بثقوبها الكثيرة، فقد دخلت الرياح الخارجية والأموال المُريبة من كل الثقوب، واختلط الحابلُ بالنابل، وما عاد اللبناني يعرِف من هو المُستقلّ والثائر الفعلي على النظام والراغب بتغييره لكن تحت سقف الوطن، ومن المُستفيد من الأموال الطائلة التي تأتي من كل حَدَبٍ وصوب الى منظمات غير حكومية لكن بعضَها محكومٌ بحكوماتٍ خارجية، ومَن هو التابع لأحزاب تقليدية قرّرت بين ليلة وضحاها أن لا علاقة لها بالسلطة وأنها في كل تاريخها كانت حمامة سلام وديمقراطية ومدنية وشفافية وأنها تتوق للثورة منذ فجر الاستقلال ( استقلال؟).
والإعلام الذي يدّعي بعضُه دعم المستقلين والثوار لكنه ينتشي ويفرح أيما فرح باستضافة أسوأ السياسيين ومافيات المال، يزيد الوضع ضبابيةً من خلال تغليب حضور مجموعات مُحدّدة وتغييب آخرين غير تابعين لمنظمات غير حكومية ذات مشاريع سياسية محدّدة ومقنّعة أو لدول أو لأحزاب أو ينتمون الى تيارات عقائدية وفكرية غير مُناسبة.
بين المنظمات غير الحكومية من هي محمودة في مجتمعاتنا المتخلّفة سياسيا وديمقراطيا رغم تقدمها العلمي واللغوي، وهذه مطلوبة لمواكبة الاستحقاقات الانتخابية وتشجيع الشباب على الانتخاب وترسيخ قيم ومبادئ الديمقراطية وأسسها وشروطها، لكن بينها أيضا من يأتي بمشاريع سياسية مشبوهة تحت غطاء الديمقراطية ليجعل الشعب يتخلى عن قضاياه العربية الأساسية ويتوق لقضايا غريبة عن تاريخه ومجتمعه ومناقضة لمصالحه.
تزداد هذه الصورة ضبابية مع اقتراب الانتخابات التي تفتح شهية الجميع على احتلال مناصب في مجلس النواب، فيكثُر المرشّحون مدّعو الثورة والاستقلال وتغيب المشاريع ( الاّ ما ندر)، ويُصبح المالُ والتجييش جسراً للحصول على أنهار اللبن والعسل التشريعية بعد شهور قليلة.
يفترض هذا إجراءات عاجلة كي لا نستبدل السلطة الفاسدة التي أفقرت الشعب وافسدت الدولة وباعت الوطن منذ فجر الاستقلال حتى اليوم، بسلطة جديدة قد لا تقلّ عنها سوءا حين تتمكّن حتى ولو كانت الآن تتمسكن.
أبرز هذه الإجراءات هي التالية:
هذه الإجراءات البسيطة، تطمئن الناخب على ان المُرشّح هو فعلا يعمل لإصلاح او تغيير النظام، وانه نظيف الكفّ والسيرة، وان لديه برنامج عمل قابل للتطبيق لجهة مشاريع القوانين التي سيقترحها في المجلس، وانه ليس خاضعا لتمويل مشبوه داخلي أو خارجي.
هنا ينبغي التمييز بين مُرشّح يعمل لحزبه- وهذا حقه الطبيعي خصوصا ان في الأحزاب أيضا شباباً طامحون للتغير وقد يتعاونون لاحقا مع مستقلين لو كانت مشاريعهم أكثر جذبا- وبين مُرشّح يدّعي الاستقلال وهو مُرسلٌ من قبل حزبه أو من دول وسفارات لاختراق الثوّار الحقيقيين. فليس كل حزبي فاسد، وليس كل مستقلٍ شريف.
ينبغي التمييز أيضا بين مُرشّح يريد فعلا سيادة واستقلال هذا الوطن عن كل التدخلات الخارجية ويرفض الطائفية البغيضة، وبين آخر، يريد الخلاص من تبعية ليُمهّد لتبعية أخرى تفتح حدود الوطن لكل عدو وطامح وغازٍ.
في لبنان مستقلون حقيقيون وثوّار حقيقيون، وقد رأينا الكثير منهم منذ العام 2019 حتى اليوم، صحيح ان نسبتهم ما تزال قليلة أمام أخطبوط السلطات والأحزاب التقليدية، لكنهم راغبون ببناء وطن حقيقي يُصبح فيه الانتماء الى الوطن هو الاساس، لا لتبعية الطائفة والمذهب والزعيم على حساب الوطن. هؤلاء فقط يجب أن يُصبحوا رموز الانتخابات المُقبلة ذلك أن خسارة فرصة الانتخابات هذه المرة ستعيد المتحكّمين برقبة الوطن أقوى من السابق، وتجعل الناس يكفرون بالمستقلين والحالمين بوطن أجمل وأعدل وأكثر نظافة واستقلالا ومنعدم الفساد.
أيها المستقلّون الحقيقيون، لا تجعلوا مدّعي الثورة والاستقلال يسرقون فرصتكم النادرة. انتم امام فرصة حقيقية لتقديم رموز نظيفة وقادرة على الإصلاح، فلا تضيّعوها. لبنان يمر حاليا في لحظات قاتمة وحالمة، عليكم تعزيز الحلم لقتل الظلام، او على الاقل لاضاءة شمعة بدلا من لعن الظلام. الاختراق سيكون نسبيا في الانتخابات لكنه حتما سيشكل نواة صلبة للمجالس التشريعية المقبلة، فالاصلاح لا يتم بين ليلة وضحاها وانما يحتاج الى خطط خمسية وعشرية وأكثر.
مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…
Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…
ترجمة عن صحيفة هآرتس لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…
ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…
Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…
Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…