بعد “باريس كما يراها العرب”، و”الرسائل الدمشقية”، و”المئوية الثانية للقضية الفلسطينية”، و”الرسائل المغربية”، يتابع الصحافيان اللبنانيان سامي كليب وفيصل جلُّول مشروع سلسلتهما التي تشبه أدب الرحلات بكتاب “الرسائل الخليجية”.
يعمل الصحافيان سامي كليب وفيصل جلول منذ سنوات على مشروعٍ ثقافي عنوانه الجامع الرسائل العربية. ويقوم هذا المشروع على ما يُشبِهُ أدب الرحلات إذ يتّصل الزميلان بكتّابٍ وصحافيين وساسةٍ عرب للمشاركة تطوّعاً في كتابٍ جماعي يتناول مُدُنَ بلدٍ عربي بعينه أو عاصمته حصراً. بدأ هذا المشروع مع كتاب “باريس كما يراها العرب” الذي صدر في العام 2016، واعتُبِرَ في حينه النص الثاني في موضوعه بعد رحلة رفاعة الطهطاوي الى باريس في القرن التاسع عشر والتي احتواها كتابه “تخليص الابريز في تلخيص باريز”.
شارك في هذا الكتاب، إضافةً إلى كليب وجلّول، الرئيس التونسي الأسبق المُنصِف المرزوقي، ونائب الأمين العام لجامعة الدول العربية قيس العزّاوي، والأديب الراحل جمال الغيطاني، الذي كان نصّه في الكتاب هو الأخير الذي صاغه قبل وفاته، فضلاً عن الباحث الفلسطيني محمد حافظ يعقوب، والمعارض السوري هيثم مناع، والشاعرة الجزائرية لويزة ناظور وآخرين.
ثم صدَرَ من بعد كتاب “الرسائل الدمشقية” الذي تمّ بمشاركةِ 21 كاتباً عربياً من بينهم نائب وزير الخارجية المصري السابق عبدالله الاشعل، والاديب الفلسطيني رشاد أبو شاور، والشاعر اليمني الكبير عبد العزيز المقالح، ونائب رئيس المجلس النيابي اللبناني إيلي الفرزلي، وفيرا يمين، والمؤرخ العراقي فاضل الربيعي، والكاتب الفلسطيني صقر أبو فخر، والعراقي الدكتور حسين شعبان وأخرون.
وتلاه كتاب “المئوية الثانية للقضية الفسلطينية”، ومن ثمّ “الرسائل المغربية”، وصولاً إلى كتاب “الرسائل الخليجية” الذي صدر عن دار أنطوان هاشيت في بيروت. وقد علمنا أن كتاب “الرسائل اللبنانية” تحت الطبع في دار النشر نفسها، ومن المتوقع صدوره أواخر العام الجاري.
في كتاب “الرسائل الخليجية” اعتمد المُشرفان كليب وجلّول قسمين من المعالجة، الأوّل تناول قضايا الخليج الأساسية المُتعلّقة بالنفط والمجتمع والثقافة، والثاني اقتصر على المُدُنِ الأساسية في الخليج وهي: الكويت والدوحة والمنامة ومسقط والرياض وأبو ظبي، فضلا عن دبي والشارقة والعين ومكّة والمدينة المنورة وجدة ونزوى وظفار.
وقد شارك في الرسائل الخليجية 22 كاتباً من بينهم المستشار المغربي في الأمم المتحدة يونس أبو أيوب، والروائية التونسية وفاء ثابت المزغني، والبروفيسور العراقي سيار الجميل، ومدير معهد الغزالي في باريس الدكتور جلول صديقي، والناقد اللبناني المعروف دكتور جمال فياض، والصحافي الموريتاني عبد الله ولد محمدي، والباحث المغربي عبدالفتاح نعوم، والشاعرة السورية نوال الحوار، والمؤرخ ابن بطوطة، والرحالة امين الريحاني وآخرون.
في “الرسائل الخليجية” يكتشف القارئ للمرة الأولى، ربّما، نصّاً غنيّاً حول دولة مكة التي أسّسها قصي جد الرسول محمد بن عبد الله (صلعم)، ونصاً حول ظفار تجمّعت عناصر من رحلة ابن بطوطة الشهيرة “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”.
ويكتشف أيضاً سيرة “أبو ظبي ” ودبي، ورؤية شخصية عن مدينة العين، وتجربة ذاتية في مناهل الكويت الثقافية، وانبثاق الدوحة من اقتصاد اللؤلؤ الى اقتصاد النفط والمعلومات، فضلاً عن عائلات جدّة التي يصفها بتفصيل مُحبَّب الكاتب الذي عرفها وخبر العيش فيها .
وفي مسقط حديث مفصل عن حواري المدينة يتوقّف عند معصراتها ووصفٍ يليق بنزوى والمنامة إلخ …
يستند “الرسائل الخليجية” كما كتب المشروع الأخرى، الى منهجية حرة في صياغة النصوص التي ترد بوصفها عصارة تجربة شخصية لذا نراها تنهل من التاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد واللغة المحكية والقواميس ولا حدود فيها بين الوصف واستخدام تقنية تحليل المحتوى .
نصوص “الرسائل الخليجية ” الحرّة تترواح بين أدب الرحلات والتاريخ والأنتروبولوجيا واستشراف المستقبل، أما الهدف الأكبر، الذي أشهره سامي كليب وفيصل جلول في عرضٍ صحافي، فهو تكوين صلة وصلٍ بين العرب، وبخاصة الأجيال الجديدة التي لم تزُر بلاد العرب أو لم تبذل جهداً للتعرف إليها عن كثب أو تتحكم الكليشهات بهذه المعرفة .
في رسائلهم العربية يشرف الصحافيان اللبنانيان على مشروعٍ يُعيدُ الاعتبار إلى دورِ المُثقّف العضوي الحرّ في الحضارة العربية، الذي كان يتنقل في ما مضى في الفضاء العربي الواسع خلال سنواتٍ طويلة بين المشرق والمغرب، ليروي أحوال ومصائر ما رأى وما عاش. هنا لا بدّ من لفت الانتباه إلى أن هذا الدور أدّاه المستشرقون الأجانب في القرنين الماضيين وكانت أهدافهم مُختلفة تماماً، خصوصاً إن القسم الأعظم منهم كان مُوظّفاً في الإدارات الكولونيالية .
يُمكن لمَن يرغب الحصول على “الرسائل الخليجية” بنسختيها الورقية والالكترونية مباشرة من دار أنطوان نوفل في بيروت أو عبر جملون وأمازون ونيل وفرات او من مغارض الكتب وآخرها معرض الرياض الذي يستمر حتى العاشر من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. أما الكتب الاخرى من السلسة فيمكن الحصول عليها من دار الفارابي في بيروت أيضاً.
—————————————————————————————————–
النص الأصلي نُشر على موقع أسواق العرب على الرابط التالي: