ثقافة ومنوعاتشباب 20

تعديل الصورة تقنياً هل يؤثر فعلا على نفسياتنا؟

 روزيت الفار-عمّان 

يوماً بعد آخر، يتبين أن ذكاء التطبيقات الالكترونية ومَن خلفَها، أعلى بكثير من ذكاء مستخدميها، وأن هذه التطبيقات لا تأبه أبدا للآثار النفسية التي قد تكون خطيرة على الناس، طالما الربحُ المادي الهائل يضخ في خزائنها. ولذلك يحذّر علماء الاجتماء والنفس من الولوج سريعا في كل التطبيقات، والتفكير قليلا قبل الغرام بها، لان في بعض الغرام الالكتروني ما يقتل.

اليوم أود أن انقل لكم معلومات عن تطبيق ربما الكثير منكم يلجأ اليه، وذلك بغية تعديل الصورة الشخصية وجعلها أكثر نضارة وجمالا حتى ولو أنها تصبح مع الوقت مختلفة تماما عن الأصل. إسم التطبيق “تنقية وتعديل الصّورة” ، وهو يستخدم أنواعاً كثيرة من الكاميرات العالية التّقنية، من بينها B612، وهو يجمّل  الصّور حتى تكاد يقارب الكمال، وهو يجذب خصوصا الشباب والمراهقين والأطفال، فيقعون في حبائل خبثه، فما عادت اليوم    صور الممثّلين وملكات الجمال وعارضات الأزياء  ولاعبي كرة القدم هي مراجع مقاييس الجمال الوحيدة؛ بل أصبح الآن بمقدور أي شخص أن يحقّق رغبته في ذلك عبر استخدامه لتلك التّطبيقات وبسرعة وسهولة.

هنا بالضبط تقع المصيبة النفسية، كيف لهذه المراهقة ( أو المراهق) التي رأت صورتها على هذا النحو العالي من الجمال، أن تقبل بحقيقة جمالها الاصلية؟  

تُعتبر الصّور الذّاتيّة selfie أكثر المواد نشراً على منصّات التّواصل الاجتماعي خصوصاً الانستغرام والسّناب تشات والأكثر استخداماً لتطبيقات “تنقية الصّور وتعديلها” وذلك بعد أن يكون المستخدم قد كرّر أخذها وقام بتصحيحها وتغييرها ربما عشرات المرّات لم يكن يحتاج خلالها سوى لحركات بسيطة من المسح والنّقر كيما يخرجها خالية من العيوب والأخطاء وبأفضل شكل، إذ بات باستطاعة تلك التّطبيقات منح إمكانيّة تصغير الأنف وتوسيع العينين وتضخيم أو تصغير الشّفاه وتنقية البشرة وتلوينها ورفع الخدود، إضافة لتعديل الحجم والإضاءة وحتى إمكانية التّحكم في النّظرة وتحويلها من نظرة ثاقبة إلى أخرى مُثيرة أو ودودة أو حسب ما يختاره كل فرد ضمن حاجته.

صحيح أن تلك الصّور تولّد لدى المستخدم شعوراً بالسّعادة والغبطة  وتجلب له عدداً كبيراً من ال “likes” وترفع عنده مستوى الاعتزاز بنفسه وما إلى ذلك من مشاعر الفرح والرّضى. “لكن” ماذا بعد اكتشافه أنّ جميع تلك الصّور -بالرّغم من جمالها- هي صور رقميّة وأن ذلك الجمال جمال وهميّ تمَّ تحسينه بطرق مُضلّلِة ومُزيّفة، وتمَّ اللّعبُ فيها لخلق سلوك الإدمان عند المستخدم البسيط الّذي يخضع إراديّا لإملآت تلك البرامج لإرضاء “الأنا” الّتي بداخله من خلال كسب المزيد من التّعليقات الإيجابيّة المادحة.

أصبحت هذه الصّور “المثاليّة” تشكّل هاجساً أسماه علم النّفس بهاجس التّشوّه أو الاضطراب الجسدي “Body Dysmorphia Disorder وهو الشّعور غير المنقطع بعدم الرّضى عن شكل الوجه أو الجسد، يصيب فئات اليافعين والشّباب والمراهقين، الشّريحة الّتي تصنع الحاضر وتحضّر للمستقبل. تعيشه هذه الفئات في حياتها اليوميّة وتزيد حدّته وتأثيره عند مقارنتهم لصورهم الحقيقيّة بصورهم المحسّنة. وعند معرفتهم بل يقينهم بعجز أي نظام غذائيّ أو تمرين رياضيّ أو حتّى إجراءٍ تجميليّ عن تحقيقها أو المجيء بمثلها، يمتلكهم الشّعور بالخيبة والإحباط والتّوتّر والحزن وينخفض لديهم مستوى التّقدير وحب واحترام الّذات وقد يؤدّي إلى التّفكير بالعزلة عن محيطهم وأحياناً التّفكير بالانتحار.

وبمفهوم علم النّفس؛ تجعل تلك الأعراض بمجموعها الجزء الأساسي من الدّماغ الخاص بالمشاعر يأخذ دوراً ناشطاً ويملي علينا كيف يجب أن نتصرّف، بمعنى أن يصبح الفرد خاضعاً بسلوكه لمشاعره، بينما نرى المستوى الأعلى من التّفكير والمنطق قد وُضع جانباً؛ وهي الحالة الّتي تخلق ما هو مخالفٌ تماماً للنّجاح الّذي يُأمل من هذه الفئات الشّابّة الوصول إليه كي يتم النّهوض بالمجتمع وتحقيق رفاهيته.

بالنّهاية، و تبعاً لمختلف المراجع، تعتبر هذه الكاميرات وتلك التّطبيقات كارثة التّكنولوجيا وأكثرها ضرراً وتدميراً للمستخدمين على المستوى النفسي، وتشير دراسات صدرت عن جامعة واشنطن قسم علم النّفس بأن الأشخاص الّذين يكثرون من نشر صورهم هم الأشخاص الأقل ثقة بنفسهم وأقلّهم انفتاحاً على التّجارب والخبرات الحديثة والذّين يشعرون بأنّهم الأقل قبولاً في الحياة.

ولتجنّب تلك المخاطر علينا الإقلال من الدّخول لتلك المواقع وعدم متابعة الحسابات السّلبيّة والأهم من ذلك فهم الغاية الخبيثة الغير أخلاقيّة لأصحاب تلك البرامج والتّطبيقات.

المراجع:

Psychologytoday.com

Nbcnews.com

Forbes.com

Cybernews.com

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button