طيور الصين تبني جسوراً للعشّاق في عيدهم

لُجين سليمان

تحتفل الصين بعيد الحب أو ما يسمى بـ عيد “تسي تسي”  في الرابع عشرمن آب كل عام، وهو ما يقابل اليوم السابع من الشهر القمري السابع حسب التقويم الصيني.

تتحدّث الأسطورة الصينية عن قصة حب فريدة بين راعي بقر فقير، طردته زوجة والده من المنزل، وفتاة من السماء كانت تنسج القماش، وقعا في حب عميق لكن الإمبراطور لم يوافق على هذا الحب، وعندها أنشأ مجرّة درب التبانة للفصل بينهما.

وتقول الأسطورة أيضا أن مجموعة من طيور “العقعق” اجتمعت على كامل  المجرّة، وبنت جسرا يلتقي فوقه الحبيبان، فتأثّر الإمبرطور وتراجع عن قراره، وأمر بالسماح للعشاق بالإلتقاء مرة واحدة في العام وهو اليوم السابع من الشهر القمري من كل عام.

 الاحتفال في هذا العيد بدأ في عهد أسرة “هان” عام 206 قبل الميلاد، واستمر حتى عام 220 بعد الميلاد برعاية الأسرة نفسها، وأما في عهد أسرة “تانغ” والذي استمر من  618 الى 907 بعد الميلاد، فقد كان الإمبرطور يحتفل بعيد الحب من خلال إقامة مأدبة عشاء كبيرة في قصره يجتمع فيها مع الفتاة التي تحظى بحبه.

يسعى معظم العشاق إلى تسجيل زواجهم في هذا اليوم، ووفقا لإحصائيات الشؤون المدنية الصينية فإن حالات الزواج تشهد ارتفاعا كبيرا في عيد “تسي تسي”  وهو ما أدى الى التأسيس لما يسمّى باقتصاد “الرومانسية” إذ يقوم عدد من المتاجر بتقديم عروض وتخفيضات، كما افتتح في هذا اليوم من العام 2019 ما تسمّى ببلدة الحب في حي “دابانتشنغ” في مقاطعة شينجيانغ” ، وهي عبارة عن حي يضم عددا من الشوارع التي سمّيت باسم الحب مثل “شارع اللقاءات” و “زقاق يد بيد” و “شجرة الشوق”

ووفقا لبعض الإحصائيات، فإن أسعار الأزهار ترتفع في عيد الحب بنسبة تتراوح بين 30 إلى 50 بالمئة، كما يتضاعف عدد الحجوزات الفندقية، وتشير إحصائيات أجريت في العام 2019 الى  أن الحجوزات الفندقية تضاعفت مرتين مقارنة بعام 2018 لمناسبة عيد الحب، حيث تُجهّز معظم الغرف بأجواء رومانسية، ويرى عدد كبير من الشباب في الصين أنه لا مشكلة لديهم في دفع مبالغ كبيرة في الفنادق في هذا العيد لإسعاد حبيبته.

لعلّ أكثر ما يثير غضب الشاب الصيني هو اتهامه بأنه يهتم بعمله أكثر من حبيبته، لا سيما وأن الصورة المنتشرة حول الشعب الصيني في العالم أنه شعب غير عاطفي ولا يبالي بالحب، ولذلك بات الشاب الصيني يبالغ في إظهار حبّه، فعلى سبيل المثال يقوم عدد من الشباب في مدينة “تشونشينغ” الصينية، بحمل حبيباتهم على ظهورهم عندما يتعبن من السير في الشوارع، ليس في عيد الحب فقط، وإنما في معظم أيام العام.

يحرص معظم سكان الأرياف على الاحتفال بعيد العشاق، كنوع من الاحتفاظ بعاداتهم وتقاليدهم، بشكل أكبر من سكان المدن الكبرى في الصين، حيث تنشط حركة الاختلاط مع الأجانب، التي أدت إلى الذهاب باتجاه الاحتفال بعيد العشاق العالمي المصادف في الرابع عشر من شباط، ولكن وعلى الرغم من ذلك تنشط في عدد كبير من المدن حركة بيع الورود، وتمتلئ المتاجر الصينية بالدببة كبيرة الحجم.

الحب في الصين أو في غيرها، يستحق كل يوم عيدا، فهو صار من الأمور النادرة في حياتنا المعاصرة والقاسية.

lo3bat elomam

Recent Posts

قمّة الحسم والأمل بين الرئيس والأمير

                             …

2 days ago

ما يجب معرفته عن لقاءِ ترامب والشّرع

المعهد الإيطاليّ للدراسات الدوليّة والسياسة ترجمة: مرح إبراهيم يُمثّلُ اللقاءُ التّاريخيُّ بين ترامب والشّرع في…

5 days ago

لو وقعت الحرب بين فنزويلا وواشنطن، ما هي قدرات الطرفين؟

على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب أشار إلى احتمال شن ضربات برية ضد مهربي…

5 days ago

L’oignon, joyau discret de la Mésopotamie

L’oignon, joyau discret de la Mésopotamie Nadine Sayegh-Paris Bien avant qu’il ne devienne un ingrédient…

5 days ago

زيارة الشرع إلى البيت الأبيض والذاكرة الغربيّة الانتقائيّة

راشيل بيطار في مشهدٍ يلخّص تناقضات الشرق الأوسط المعاصر، دخل أحمد الشرع البيت الأبيض لا…

5 days ago

الشرع لواشنطن بوست: نتفاوض مع إسرائيل وروسيا منزعجة من الأسد

اجرى المقابلة:  سوزانا جورج وتوبي راجي بعد زيارة تاريخية أولى إلى البيت الأبيض، أجرى الرئيس…

5 days ago