آخر خبرمقال اليوم

هل تقول إيران غداً: إبراهيم رئيسي؟  

طهران-لعبة الأمم

رهانان فقط  مُنتظران بشأن الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي تجري غداً الجمعة وتظهر نتائجها السبت: أولهما معرفة  هل ينجح إبراهيم رئيسي من الدورة الأولى أم الثانية؟ وثانيهما: كم نسبة المقترعين؟  فما لم تحدث مفاجأة من عيار ثقيل واستثنائي، سيكون رئيسي رئيسا للبلاد، وهو الذي سيقطف بالتالي مع المحافظين ثمار الاتفاق النووي مع إيران والإنفتاح على الجوار السعودي وغير ذلك من الخطوات التي تعتبرها إيران ثمرة استراتيجيتها طويلة الأمد. ومن شبه المؤكد ان يفوز من الدورة الاولى

المفاجأة من العيار الثقيل، لو حصلت رغم شبه استحالة حصولها،  تتمثل في إحتمال تحقيق اختراق كبير  لعبد الناصر همّتي المحافظ السابق للبنك المركزي والمعروف بأنه اقتصادي مُعارض وإصلاحي حتى ولو أن الإصلاحيين لم يضعوه على لوائحهم. ولو حصل هذا الاختراق فقد يدفع باتجاه دورة ثانية.لكن هذا شبه مستحيل.

استطلاعات الرأي تُشير الى أن ما تم التخطيط له بدقة من قبل القيادة الإيرانية وما صاغه مجلس صيانة الدستور والذي أدى الى استبعاد كل الشخصيات الإصلاحية وكذلك مجموعة من الأسماء التي كان من شأنها أن تُحدث الفرق وتشكل تهديدا تنافسيا حقيقيا، كل ذلك فرش السجاد الأخضر لإبراهيم رئيسي صوب الرئاسة. فمركز ايسبا الإيراني الذي يُعتبر من المراكز الموثوقة لسبر آراء الرأي العام يؤكد أن رئيس سيحصل على نحو  61٪ من المشاركين بالتصويت ويأتي بعده محسن رضائي وليس همّتي.

إبراهيم رئيسي المُرشح الأوفر حظا والأكثر مساندة من المحافظين ومن مُرشد الثورة السيد علي خامنئي، من مواليد مدينة شهد في شمال إيران ، عمره 60 عاما، وكان قد  حصل في الانتخابات الرئاسية السابقة في العام 2017 على 38% من الأصوات مقابل الرئيس الإصلاحي حسن روحاني الذي فاز بولاية ثانية.

 

الحقل القضائي هو الذي ميّز سيرة رئيسي وليس الجانب الديني حيث تولى منصب رئيس السلطة القضائية منذ العام 2019 . صحيح أنّه مُعمّم لكنه لم يحصل على لقب ” آية الله” أو “حجة الإسلام” . وهو كان قد بنى جزءا أساسيا من سُمعته من على مؤسسة ” آستانة قدس رضوي” التي تُشرف على مرقد الإمام الرضا في مشهد، وغالبا ما توصف بأنها دولة داخل الدولة نظرا لثروتها المالية التي تبلغ مليارات الدولارات سنويا،  وتشرف على العديد من الشؤون الاجتماعية على غرار : البناء والصناعات الغذائية والسياحة الدينية والصحة وغيرها..

تتهمُه المعارضة بأنه مارس عمليات قمع واسعة  وقتل حين كان مدعيا عاما ثوريا  خصوصا في ما يتعلق بالمجزرة التي وقعت في أحد السجون في العام 1988 وقضى فيها مئات وربما الآف المعارضين اليساريين من مجاهدي خلق وغيرهم، وهو ما ينفيه المقرّبون منه ومن سلطة المحافظين.  لكن ذاك التاريخ الصعب الذي عرفه إبراهيم رئيسي في شبابه وتخللته الحرب العراقية الإيرانية، طُوي في العقود اللاحقة، وصار الرجل نائبا لرئيس مجلس خبراء القيادة ورفع لواء محاربة الفساد وناهض حجب شبكات التواصل الإجتماعي والصحافة، بالرغم من أنه يشتدد في الجانب الديني في المجتمع ، ويؤمن بأن المؤسسة الدينية يجب أن تبقى في صدارة القيادة السياسية والأمنية والاجتماعية للبلاد.

مع تعيينه رئيسا للسلطة القضائية بقرار من الخامنئي، إستطاع رئيسي اتخاذ قرارات كثيرة ضد مسؤولين متورطين بالفساد وتحويل الأموال، وهو ما عزز شعبيته وقدّمه خطوات صوب الرئاسة، كما ضمن له ابعاد منافسين محتملين لهذا الموقع . ولذلك فهو رفع في حملته الانتخابية شعار ” محاربة الفساد” وقدّم نفسه على أنه عدو الفاسدين والفساد والارستقراطيين وعديمي الخبرة .

انتصاب رئیس قوه قضائیه

في المجال الاقتصادي لا يختلف رئيسي كثيرا عن قائده السيد خامنئي، بحيث لا يبدي أي حماسة لليبرالية الاقتصادية المنفتحة على الغرب وعلى الشركات الغربية، ويفضل اقتصادا موجّها من قبل الدولة، وهو وعد بتنشيط الكثير من القطاعات في حال انتخابه، خصوصا في مجالات الكهرباء والصحة والمياه والبنى التحتية.

على المستوى الخارجي، ستخرج أصواتٌ لا شك تُشكك بنزاهة الانتخابات وبإبعاد الاصلاحيين نظرا للوبيات القوية المؤيدة للمعارضة، وسيعاد التذكير بتاريخ رئيسي في ” قمع المعارضين”، لكن الأكيد أن الرجل في حال انتخابه سيكون في وضع مُريح ذلك أن ثمة اتفاقا ضمنيا حصل بين أميركا وإيران على إرجاء الإعلان عن العودة الى الاتفاق النووي ورفع جزء من العقوبات الى ما بعد الانتخابات الرئاسية بحيث تكون الصفقة مع الرئيس الجديد وليس مع روحاني الذي اتهم خصومه المحافظين بأنهم حاربوه بسبب اتفاقه مع الغرب ثم عادوا ينفذون ما فعله.

كذلك فلو سارت الأمور الايرانية الأميركية على نحو جيد، فان انفتاحا موازيا سيستمر بين طهران والرياض، لكن إيران ستُبدي تشددا أكثر بشروطها على اعتبار أنها باتت تُمسك بخيوط خارجية وداخلية كثيرة.

يبقى أن نسبة الاقتراع ستقول الكثير حول الشعبية الحقيقية للمحافظين، خصوصا أن الاصلاحيين المنقسمين على بعضهم والذين أظهروا عجزا حقيقيا في الاتفاق وفي تقديم مرشح قوي يستطيع المُنافسة، لم ولن يسكتوا، وبعضهم دعا الى التصويت لتعزيز حظور همتي والدفع باتجاه دورة ثانية. ومن المرجح ان يكون المحافظون قد مهّدوا تماما لنسبة اقتراع عالية ذلك أن هذه القاعدة الشعبية ستسمح لهم بالتشدد أكثر في مفاوضاتهم الدولية والاقليمية على أساس انها مصدر قوة داخلية.

حاليا يشعُر المحافظون بأنهم ربحوا معارك كثيرة حتى ولو أن معركة الاقتصاد ما تزال صعبة، ويستطيعون القول لشعبهم إن ثباتهم ضد سياسة دونالد ترامب المتهورة وضد الضغوط الاسرائيلية العسكرية والسياسية والاعلامية، أعاد الجميع اليهم للتفاوض وتهدئة المحاور، وهذا بالضبط ما يقوله المحافظون واعدين شعبهم بانتعاش اقتصادي لاحق، حتى ولو ان الحملة الانتخابية كشفت الكثير من الأحقاد الدفينة داخل المجتمع الإيراني واستخدمت فيها عبارات قاسية وصلت أكثر من مرة الى حد التجريح والتقريع والقدح والذم.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button