ثقافة ومنوعات

الاختراق البيولوجي والمعالجات الجسدية الحديثة

روزيت الفار-عمّان 

هو مصطلح حديث في مجال التّحكّم بكيمياء وبيولوجيا الجسم لتعزيز وظائفه وتفعيل أداء أجهزته وزيادة الطّاقة بخلاياه؛ باستخدام أدوات تكنولوجيّة متطوّرة والتّدرّب على ممارسات صحيّة مفيدة. وتُعتبر جميع تطبيقاته آمنة لكونها تجارب غير جراحيّة يمارسها الفرد بنفسه.

من أدوات “الاختراق البيولوجي”، الأجهزة القابلة للارتداء؛ كالمُستخدمة في عمليّة المشي والتّنقّل، وأدوات FitBit الإلكترونيّة الخاصّة بمراقبة وتتبّع سير الأنشطة؛ كالسّاعات، والشّرائح الإلكترونيّة المُركّبة بالجسم والّتي تنظّم البيانات لتتناسب وحاجات الجسم وغيرها.

 

من تطبيقاته العمليّة:

  1. العلاج بالضّوء (الألوان)

يعُتبر الضّوء عنصراً أساسيّاً لعمل الجسم والدّماغ بالشّكل الأمثل إذ يشكّل الإثنان وحدة توازن واحدة استُخدم الضّوء/الألوان للحفاظ عليه.

تعود فكرة “المعالجة بالألوان” لحضارة شعوب المايا (غواتيمالا وهندوراس الآن) ومصر القديمة والهند والصّين. وحسب تلك الثّقافات، كان لكلَّ لون طاقة يتفرّد بها ويرتبط بعضو معيّن من الجسم. وقسِمت الألوان لمجموعتين: باردة، كالأزرق والأخضر وتمّ ربطهما بالهدوء والخصوبة، وساخنة، كالأحمر والبرتقالي ورُبِطا بالحيويّة والنّشاط.

استعاد الطّب حديثاً تجربة العلاج بالألوان ونجح بمجال الأمراض النّفسيّة بنسبة مهمّة، ويواصل سعيه لاستخدامها في الحالات الجسديّة.

تتشكّل الألوان نتيجة انشطار الضّوء إلى أمواج مختلفة الأطوال تهتز عند سرعات وتردّدات مختلفة. وأن “الأجسام السّوداء” تمتص جميع أطوال الموجات ولا تعكسها، أمّا البيضاء؛ فهي الّتي تعكسها جميعها. وتقع بقية الألوان بين هذين اللّونين (الأسود والأبيض). وبعبارة أبسط؛ فالألوان هي موجات طاقيّة مختلفة الأطوال نراها ملوّنة نتيجة قدرة الأجسام إمّا على امتصاص أو عكس تلك الطّاقة.

بعد نجاح الّلونين: الأحمر والأشعّة تحت الحمراء في المساعدة بنمو النّباتات بالفضاء عبر تحفيز عمليّة التّمثيل الضّوئي لخلاياها؛ تمّ تجربتها لزيادة الطّاقة بخلايا جسم الإنسان، وسجّلت تقدّما مهمّاً بعلاج حالات جلديّة وتسريع التئام الجروح وضمور العضلات وترقّق العظام والتهابات المفاصل وتخفيف الآلام؛ حيث أنّ لهذه الأشعة قدرة اختراق الجلد لبضعة سنتيمترات تمكّنها من الوصول للأعضاء الدّاخليّة لمعالجتها.

  • يساهم الأحمر، الشّافي الأعظم The Great Healer))، في تحسين الأداء الرّياضي. فالتّعرّض لبضعة دقائق قبل التّمرين للأشعة تحت الحمراء الّتي يقع طول موجاتها بين 600-900 نانومتر -حيث تبلغ استجابة الجسم لها أقصاها- يرفع مستوى القوّة؛ ويقلّل فرص حدوث إصابات. وبمقدور هذا المدى من الموجات، اختراق الجلد لعمق 8-10 مم حيث يتم امتصاص الفوتونات وتنشيط عمليّة الأيض وعدّة أجهزة عصبيّة بصورة مُثلى.

 

للضّوء تأثير مهم في نوعيّة حليب الأم. ففي الصّباح يكون لهذا الحليب مكوّنات وميّزات تختلف عنها أثناء النّهار وعند المساء. وإضافة لكونه وجبة غذائيّة، فإنّ حليب الأم يعمل كساعة بيولوجيّة تزوّد الرّضيع بمعلومات تساعده على تنظيم ساعات يومه والتّمييز بين الّليل والنّهار، وتحقيق نوم هادئ ومساعدة دماغه على النّمو السّليم وعمليّة هضم جيدة. إذ تحتوي وجبة الصّباح على حزمة عناصر منشّطة؛ كالكورتيزول، هرمون اليقظة والنّشاط؛ وتزيد قيمته بثلاثة أضعاف عن وجبة المساء، وتتضاعف فيه نسبة المعادن كالمغنيسيوم والزّنك والصّوديوم.

ترتفع مستويات الأحماض الأمينيّة المرتبطة بالنّشاط في حليب النّهار ويصل الحديد ظهراً أعلى مستوياته، ويكون غنيّاً بمجموعة المناعة والأجسام المضادّة وخلايا الدّم البيضاء. أمّا في المساء؛ فتتحوّل مكوّناته إلى مجموعة مهدّئة لوجود الميلاتونين؛ الهرمون الأساسيّ للنّوم وهرمونات الهضم وكذلك فيتامينE  المفيد للدّماغ ولتفريغ سموم الجسم.

  • ربّما يفسّر ذلك؛ ظاهرة عدم انتظام نوم أطفال الأمّهات العاملات ومشاكلهم المِعَويّة المتكرّرة، جرّاء تناولهم لحليب الثّدي الّذي تمَّ شفطه وحفظه مثلّجاً أو للحليب المصنّع.

  1. أجهزة تقويّة العظام Osteostrong

يستمر الجسم ببناء العظام حتّى سن الثّلاثين؛ ويبدأ تدريجيّاً بفقدان كثافتها لتصل 2% بعمر 35. وتوالي انحدارها مع مرور السّنين وتتوضّح عند توقّف النّشاط الهرموني عند الجنسين؛ المرتبط مباشرة بصحّة العظام. غير أنَّ هرمون التستوستيرون الذّكري يستمر بنشاطه لعمر يتجاوز نشاط الأستروجين الأنثوي، لذلك نرى الرّجال أكثر حظّاً بحيث تبقى عظامهم بحالة أفضل لمدّة أطول. 

تمّ تطوير منظومة أجهزة رياضيّة خاصّة، يقوم الشّخص بالتّدريب عليها بالتّناوب، أثبتت فعاليّتها مع عوامل أخرى، كنمط حمية صحّي وأخذ المكمّلات الغذائيّة (D3) في تجنّب الهشاشة وتخفيفها.

  1. الموسيقى الوظيفيّة Functional Music

في ظلّ تفاعل 100 بليون من العصيبات بوقت واحد؛ يكون فيها الدّماغ المحطّة المركزيّة الرّئيسة، يصعب علينا التّركيز لإتمام أي عمل. فلا بد من وقف هذا الضّجيج التّفاعلي وتغيير موجات الدّماغ.

تبيّن بأنّ استخدام موجة صوتيّة ثابتة عبر التّشغيل الصّوتي السّمعي يمثّل أفضل أشكال الاختراق البيولوجي لمعالجة الحالة. فالاستماع لإيقاعات وألحان تتزامن مع موجات الدّماغ يخلق حالة هدوءٍ تساعد الدّماغ لأن يستقر ونستعيد تّركيزنا.

  1. الامتنان

له تأثير هام في تحديد المزاج. فامتلاكنا لذهنيّة ممتلئة بالرّضا والعرفان؛ يشعرنا بالسّعادة لكلِّ ما من حولنا.

ويمكننا تغيير العقليّة بالتّدريب المستمر على استخراج الجميل من كل ما نراه ونلمسه؛

– ككتابة بضعة أسطر شكر لأناس قاموا بمساعدتنا.

– وقيامنا بنزهة نرسل فيها طاقة إيجابيّة لكلّ كائن حي نلتقيه.

– وبدء يومنا بتمارين تأمّل ونيّة بالامتنان لكلِّ ما قد يعترضنا به. وأساليب أخرى يختارها الشّخص لنفسه يجد أنّها تريحه.

يبقى أن نعرف بأنَّنا في استمرارنا بتطوير العلوم والتّكنولوجيا إنّما نهدف لتحسين نوعيّة ورفاهيّة عيشنا.

فهل سيؤدّي هذا التّطوّر المستمر مهمّته المُرتجاة بنجاح؟

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button