شباب 20

السايبورغ Cyborg هل يُشفينا فعلا ويُطيل أعمارنا؟

روزيت الفار- عمّان 

سايبورغ (Cyborg) ، هو اختصار لكلمتي Cybernatic Organism ما يعني أنّه عبارة عن مكوّنين رئيسيين أحدهما عضوي والآخر سيبراني آلي أو ألكتروني؛ يهدف إلى تجديد الأجزاء العضويّة المصابة أو تعزيز قدراتها وفاعليّتها الوظيفيّة، يأتي إذاً على شكلين: مُجدّد أو مُعزّزRestorative or Enhanced.

السايبورغ بالمفهوم العام هو الشّخص الّذي أجري له تركيب أو زرع أجهزة سيبرانيّة دقيقة جدّاً بحجمها داخل أحد أعضاء جسمه ومنها الدّماغ؛ تحمل علاجاً يميت الخلايا السّيئة والغير مرغوب فيها ويعمل على تجديدها أو أن يقوم بعلاجها. وهذا أسلوب حديث في عالم الطّب والعلاج.

وُجدت الفكرة بستينات القرن الماضي لتعزيز قدرة الإنسان في بيئات خارج كوكب الأرض كروّاد الفضاء مثلا؛ لكنّها امتدّت لأبعد من ذلك وأصبح لها مفهوم مستقبلي متطوّر يرتبط بنوعيّة حياة الإنسان والتّحكّم بصحّته الجسديّة والنّفسيّة.

يعتبره بعض العامّة بمثابة الرّوبوت لكنه بالواقع مختلف جدّاً عنه فالأوّل جهاز آلي لا حياة فيه ولا يتطلّب الكثير من التّفاعل مع البشر، بينما السّايبورغ هو مزيج من المكوّن العضويّ الحيّ (البشر) والآلة. كذلك يختلف الإثنان بدرجة التّعقيد حيث أنّ السّايبورغ أشدّ تعقيداً نظراً لارتباطه وتفاعله المباشر مع الجزء العضويّ حيث أنّ وظيفته الأساسيّة محكومة بهذا التّفاعل من أجل تحسين وظيفته. لكنّنا نستخدم الرّوبوتات دائماً في زرع أو تركيب السّايبورغ (الكبسولات والشّرائح) نظراً لدقّة عملها ولتجنّب أي خطأ قد تحدثه اليد البشريّة.

 

اعتبر الفنّان والمُلحّن الإسباني المولد والإيرلندي النّشأة Neil Harbisson أوّل سايبورغ مُعترفٌ به من قِبَل الحكومة البريطانيّة بالعالم عام 2004 حيث وُلد عام 1984 بعمى ألوان شديد كان يرى العالم كلَّه بالّلون الرّمادي فقط. فقد تمّ زرع هوائي سيبراني في جزء الدّماغ المسؤول عن قراءة الألوان مكّنه من سماع الموجات الصّوتيّة الصّادرة عن الألوان ذات التّردّدات المختلفة حسب كل لون ودرجته وتحويلها الى ألحان لا يدركها إلاّ هو. فأصبح يسمع جميع الألوان كألحان؛ وكذلك تمكّن من سماع أشعّة الشّمس وكان يشعر بأجهزة الإنذار والكشف عن السّرقات. وفي تمّوز 2016 توصّل العالمان إلون ماسك وماكس هوداك من ابتكار ما يُسمّى بالنّيورالينك Neuralink وهو جهاز أو شريحة مشبوكة بخلايا الدّماغ العصبيّة يتيح للدّماغ قراءة الإشارات العصبيّة ما يجعله قادراً على حل المشاكل العصبيّة كضعف الذّاكرة أو فقدان البصر وحتّى التّخفيف من التّوتّر والقلق. ويجري العمل على تطوير تلك التّقنية ليتم تمكين الشّخص تعلّم اللّغات وخاصّة الصّعبة كاللّغة الصّينيّة الّتي تحتوي على 800 صورة كحروفها الهجائيّة بزمن قياسيّ.

وإذا صحّت فرضيّة الفيزيائي الشّهير ستيفن هوكينغ بأنّه لا بد للبشر -إن أرادوا البقاء والحفاظ على جنسهم- أن يغادروا إلى الفضاء نظراً لما يهدّد كوكب الأرض بالفناء بفعل الاحتباس الحراري أو أيّة حرب نوويّة مُتوقّعة, فتظهر حينها أهميّة هذا الابتكار العلمي في المساعدة على ذلك من خلال جهاز استشعار يكشف مستويات الإشعاع ومضخّة تحقن الأدويّة بشكل تلقائي وبجرعات مناسبة لكل من تمَّ له زراعة أو تركيب ذلك الجهاز.

وبتقرير نشره موقع Scientific American بتاريخ 4 مارس 2020 جاء بأنّ فريقاً من جامعة كارديف في ويلز تمكّن من اكتشاف نوع من الخلايا المناعيّة القاتلة أطلقوا عليها اسم CAR-T لديها مستقبلات جديدة تتعرّف على أغلب أنواع الخلايا السّرطانيّة وتقوم بقتلها وبشكل محدّد ودقيق دون احداث ايِّ ضرر بالخلايا السّليمة المجاورة الّتي تتكوّن من البروتينات الطّبيعيّة. يتم حقنها (الخلايا المناعيّة القاتلة) داخل الدّم. والجدير بالذّكر أنّ هذا التّطوّر أصبح مستخدماً حالياًّ في معالجة أنواع من السّرطان كاللوكيميا (سرطان الدّم) واللّيمفوما (سرطان الغدد اللّيمفاويّة) وأصبح بالإمكان الآن تعديل خلايا الدّم البيضاء وحقنها بالدّم بحيث تصبح قادرة على التّعرّف بدقّة على الخلايا السّرطانية وقتلها. علاوة على ذلك -وبالرّغم من الآثار الجانبيّة  السّلبيّة لها- فإنّ هذه الخلايا المعدّلة (CAR-T cells) تبقى بالدّم لمدّة طويلة تمتد لسنوات ويستمر عملها في مهاجمة الأورام الخبيثة حين حدوثها.

كما ويتجدّد الأمل في علاج  الكثير من حالات السّرطان الأخرى باستخدام هذا الابتكار حيت يتم تحميل العلاجات الكيماويّة داخل شرائح أو كبسولات يتم حقنها بالعضو المصاب تضخ الدّواء في البؤر أو النّقاط السّرطانيّة دون المساس بالأجزاء السّليمة إذ أنّها تمتلك أيضاً قدرة تحديد الخلايا المصابة بعينها دون غيرها وبدقّة متناهية.

ومع تسارع التّقدّم التّكنولوجي العلمي والمعرفي وتضاعف الابتكارات في جميع المجالات وخصوصاً الطّبيّة بات بمقدور الإنسان التّحكّم بنوعيّة حياته وسنين عمره، غير أنَّ عليه استخدامها بوعي وضمير ومسؤوليّة واضعاً أمامه أخلاقيّات المهمّة وفلسفاتها الإيجابيّة. فحتى اليوم، نؤمن جميعا بأن الأعمار بيد الله.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button