طُرقٌ غريبة لدفن الموتى عبر العالم
طُرُق غريبة لدفن الموتى عبر العالم
روزيت الفار-عمّان
حين يكون الحديث عن طرق التّعامل مع رفات البشر؛ فإنّ الغالبيّة العظمى من النّاس تذهب عادة إلى خيارين تقليديين هما: الدّفن أو الحرق. لكن حين يكون التّفكير صديقاً للبيئة؛ فإنّه حتماً سيرفض كلتا الطّريقتين ويعتبرهما غير مناسبتين بل أسوأ الخيارات من حيث تكلفة الأدوات المستخدمة فيهما ذات الأصل المأخوذ من الطّبيعة كأخشاب الأشجار والفولاذ والخرسانة والّتي يؤثّر استهلاكها بصورة مهمّة على المخزون الطّبيعي لتلك المصادر، ناهيك عن إشغال مساحات كبيرة من الأرض وتسرّب سوائل التّحنيط المسرطنة لها؛ ممّا يترتّب عليه لاحقاً تلويث للمياه الجوفيّة وللتّربة. وعاد الميلُ أكثر لدفن الجثّة في التُراب لكن مع بعض الشروط لتفيد الطبيعة.
ويقدّر الخبراء بأنّ عمليّة حرق الجثّة تستخدم نفس القدر من الغاز والكهرباء الّلازمين لقطع رحلة برّيّة طولها 500 ميل وينتج عنها مقدار 250 رطل من غاز CO2 السّام. لذلك؛ نراهم يتّجهون نحو حلول أكثر نفعاً للبيئة ولأهالي المُتوفّى. وأبرز تلك الخيارات تتلخّص في:
- الإذابة في الماء أو الحرق المائي. Aquamation
تستخدم طاقة أقل ب90% من تلك اللّازمة لعمليّة الحرق التّقليديّة بالنّار. وتقوم على وضع الجسد في وعاء يحتوي على 95% ماء مع 5% محلول هيدروكسيد البوتاسيوم القلوي، ويسخّن المُحتوى بطريقة طبيعيّة حتّى تذوب الأنسجة والجلد والعضلات وتبقى العظام بحالة رخوة يتم معالجتها بعد ذلك بالتّجفيف ثمّ السّحق وتحويلها إلى رماد. يُذكر أنَّ شركة بريطانيّة تقوم باستخراج ما أمكن من الكربون الموجود في الرّماد ووضعه تحت درجتي حرارة وضغط عاليتين تماماً كالعمليّات المُستخدمة لصنع الألماس الطّبيعي في قشرة الأرض. وبهذا نكون قد وفّرنا على البيئة كميّة أقل من الغازات السّامّة الّتي تنبعث من طرق الحرق التّقليديّة وبتكلفة أقل وتحقيق استفادة ماديّة أكبر.
يذكر أنّ القس والمناضل البيئي؛ ديزموند توتو قد نادى باتّباع هذا الأسلوب وأمر باستخدامه في التّعامل مع جسده وتمَّ له ذلك.
- لباس أو بدلة الفطر Mushroom Burial Suit.
يقول مُبتكر هذا الّلباس بأنّه يتمّ تدريب الميكروبات الموجودة بالفطر المستخدَم كأنسجة له (للّباس) على استهلاك الأنسجة البشريّة الميّتة. وبذلك نتجنّب السّموم الّتي تُطلق أثناء حرق الجثث أو طمرها. ويمكن للفطر امتصاص وتنقية هذه السّموم؛ ممّا يساهم في توفير تربة أنظف. وبعد تكسير الأنسجة البشريّة؛ يقوم الفطر بنقل العناصر الغذائيّة من الجسم إلى الفطريّات الموجودة بالتّربة والّتي بدورها تنقلها إلى الأشجار.
- المدافن الخضراء. Green Burial
هذه الطّريقة –وكما يشير اسمها- تجعل من الوفاة حدثاً أكثر صداقة مع البيئة، حيث يقوم عمّال الحفر أو أعضاء من عائلة المُتوفّى بعمل حفرة بأدوات يدويّة دون استخدام آلات الحفر الّتي تستهلك طاقة لتشغيلها. ويتم استخدام صناديق قابلة للتّحلل في الطّبيعة بدلاً من الصّناديق الخشبيّة أو لف الجثّة بقماش ووضعها بالتّراب بحيث لا تمنع تحلّلها بل تسمح بإعادة تدويرها بشكل طبيعي. ويتم استخدام هذه المواقع الخضراء كمنابت وأماكن تقيم فيها الحيوانات.
- الدّفن في البحر. Sea Burial
وقد تمّ استخدامها لعدّة قرون سالفة من قِبَل القراصنة (الفايكينغز) والبحّارة. حيث توضع الجثث داخل إناء قابل للذّوبان بمياه المحيط أو غمر تابوت معدّل (قابل للتّحلل) أو خلط رماد الجثث بخرسانة صديقة للبيئة يّستفاد منها في بناء الشّعب المرجانيّة الاصطناعيّة؛ الأمر الّذي يعزّز الحياة المائيّة.
- التّسميد البشري أي تحويل الجسد البشري إلى تربة أو سماد. Human composting واسمه العلمي؛ الاختزال العضوي الطّبيعي Natural Organic Reduction.
وذلك باستخدام وسائل طبيعيّة حيت يوضع الجسد بوعاء او كبسولة يحتوي على رقائق من الخشب والقش ومواد عضويّة خاصّة ويتم تعريض المُحتوى للحرارة والأكسجين لتسريع عمليّة التّحلّل؛ نحصل بعد 30 يوماً من تلك العمليّة على ما يقارب الياردة المكعّبة من التّربة الّتي يمكن استخدامها في الحدائق كتربة عضويّة غنيّة أو كسماد مغذٍّ لها.
وبالرّغم من القبول الشّعبي لهذه الطريقة؛ غير أنّ 3 ولايات أمريكيّة فقط أجازت استخدامها وتشريعها هم: كولورادو و أوريغون وواشنطن.
إنّ استخدام هذا الأسلوب يجب أن يكون مسبوقاً بموافقة خطيّة من قِبَل الشّخص حين يكون بحالة ذهنيّة سليمة.
فكما التّفكير بمفهوم الاستدامة للمصادر الطّبيعيّة وتطبيقها على جميع مناحي الحياة كأسلوب يراعي الجوانب البيئيّة والمحافظة عليها؛ أصبحت رعاية الأجساد البشريّة بعد الوفاة تندرج هي الأخرى في قائمة تلك التّطبيقات.
لكن يبقى السّؤال الأهم هو: هل ستلقى هذه الأساليب قبولاً عامّاً لدى النّاس خاصّة في الدّول الفقيرة؟ وما هو رأي الدّين في ذلك؟