قالت الصحف

زهران ممداني الذي هزم ترامب، كيف يبدو في الصحافة العالمية

فاز المرشّحُ البالغُ من العمرِ 34 عامًا، بنسبة تقاربُ 50% من الأصوات، متقدمًا بفارق كبير عن أندرو كومو، الذي حصدَ ما يقارب 41%. من الأصوات. وهكذا أصبحَ عمدةَ المدينةِ الحادي عشرَ بعد المئة : الأصغر سنًا، أوّل مسلمٍ، وثاني عمدة يعلن نفسه اشتراكيًّا.

لخّصَ موقع Politicoالإخباريّ الحدثَ بالقول إنّ زهران ممداني قد حقّقَ “نصرًا تاريخيًا” بعد “حملة شرسةٍ” لمنصب عمدة نيويورك. وأكّدَ العمدة المنتخب مكانتَه كـ”نجمٍ صاعدٍ” وإن بقي “شخصيّةً مثيرةً للجدل في الحزب الديمقراطي”.

ضَمنَ زهران ممداني، بحصوله على ما يقارب 50% من الأصوات، الأغلبيّةَ المنشودة، كاسحًا المرشّح أندرو كومو. لم يحصد الحاكم الديمقراطيّ السابق للولاية (الذي ترشّح مستقلاً بعد خسارته في الانتخابات الحزبيّة التمهيدية، والذي حثّ دونالد ترامب الناخبين على التصويت له عشيّةَ للانتخابات) سوى 41% من الأصوات، بينما حلّ الجمهوريّ كورتيس سليوا في المرتبةِ الثّالثةِ، بنسبة 7% فقط.

سوفَ يشغلُ زهران ممداني، في الأوّل من يناير/كانون الثاني 2026، منصبَ العمدةِ الـ111 للمدينة، أصغرهم سنًّا، وأوّل مسلمٍ، وثانيهم، بعد ديفيد دينكينز، الذي يُقدّمُ نفسهُ كـ”اشتراكيٍّ ديمقراطيّ”، وفقًا لموقعPolitico . في خطابِ فوزه، أعرب عن أمله في أن “تمثّل نيويورك النّورَ وسطَ عصر الظلام السياسيّ هذا “، كما نقلت شبكة ABC News، مضيفًا : “المستقبل بينَ أيدينا يا أصدقائي، لقد أطحنا بسلالةٍ سياسية”.

وردًّا على تصريح دونالد ترامب على موقع “Truth Social”، حينَ نسبَ فوز الشاب المنتخب إلى “الشلل في الميزانيّة” وإلى أنّ “ترامب لم يكن على أوراق الاقتراع”، قال: “بما أنك تستمع، لديّ ثلاث كلمات أريدُ أن أقولها لك: ارفع مستوى الصوت”.

سدّ الفجوة بين الوعودِ والإنجازات

أمّا صحيفة The New York Times، التي أعربت عن تحفّظها تجّاه ممداني، طيلة الحملة الانتخابيّة، وحتّى إعلان فوزه (وهوَ يُنهي مسارًا وصفته الصّحيفة ذات التوجه اليساريّ الوسطي بأنه “غير محتمل”) فأقرّت بأنّه “أصبح صوتًا مؤثرًا لسكّان نيويورك المُحبطين من غلاء المعيشة والحرس القديم المُثقلِ بالفضائح”. وأنّ فوزه، “الذي امتد من أحياء بروكلين الراقية إلى معاقل الطبقة العاملة والمهاجرين في كوينز”، يشكّلُ إحدى “أبرزِ التحوّلات السياسيّة في تاريخ نيويورك”.

في مقال آخر وقّعته “هيئة التحرير”، تساءلت صحيفة نيويورك تايمز: “كيف يُمكن للعمدة ممداني أن يكتب فصلًا جديدًا في تاريخ نيويورك؟” مجيبةً : بتقليص الفجوة بين “وعودِه الطّموحة” و”إنجازاتِه الملموسة”.

وتفيد الصّحيفة بأنه إذا ما تمكن من “حلّ مشكلة التفاوت الاقتصاديّ”، “فيمكنه إحراز تقدّم : بناء المزيد من المساكن، وتحسين فرص الحصول على رعاية الأطفال والمدارس الجيّدة، وتسريع خدمة الحافلات والمترو “. وإذا نجح بذلك، كما خلصت نيويورك تايمز، “فيكون قد قدّمَ نموذجَ حكمٍ للحزب الديمقراطيّ، في الوقت الذي يحذرُ الكثير من الأمريكيين منه”.

قلق إزاء قلّة خبرة العمدة المُستقبليّ

من جانبها، عنونت صحيفة The New York Post، الأكثر عدائيّةً، صفحتها الرئيسيّة بلعبة كلماتٍ لمّاحة: “On your Marx, Get Set, Zo” {وهي عبارة استخدمت فيها الاستبدال اللغولّ، إشارةً إلى : On your marks, get set, go، أيّ على إشارتك، استعدّ، انطلق}. حتى إن تعمّدت هذه الصّحيفة اليمينّة إهانته حينَ تقارنهُ بماركس، فلا يرى عمدةُ نيويورك الجديد الأمرَ على هذا النحو، “كعضوٍ فخورٍ بانتمائهِ للحزبِ الاشتراكيّ الديمقراطيّ الأمريكيّ” (وهو حزبٌ أكثر يساريةً من الحزب الديمقراطيّ) – وإن لم يكن “شيوعيًا”، كما يتّهمه دونالد ترامب باستمرار.

أعربت صحيفة The New York Post عن قلقها إزاء “صغر سنّ” العمدةِ المُستقبلي و”قلّةِ خبرته”، بالإضافة إلى برنامج “فرض الضّريبة على الأثرياء”، الذي “سيضرّ المدينة، وفقًا للنخبة الاقتصادية”. كما تثيرُ الصحيفة المحافِظة “مواقفَه ضد الشرطة”، وكذلك “انتقاداتِه اللّاذعة والمستمرّة لإسرائيل” التي كلّفته “اتّهاماتٍ بمعاداة السامية”.

 يُشير موقع The Intercept الإلكترونيّ الاستقصائيّ إلى أن “غالبيّة الشباب اليهوديّ في نيويورك” دعمت ممداني، “كما فعل بعضٌ من أكثر السياسيين اليهود نفوذًا في المدينة والبلاد”. كما ينتقدُ الموقعُ “النظرةَ التي تَعتبرُ دعمَ الحريّة الفلسطينيّة وانتقادَ إسرائيل تهديدًا للحياة اليهوديّة”. ولذلك يرى موقع The Intercept أنّ فوز ممداني “بالغ الأهميّة”، إذ يُجسد رفضًا “للهجوم المعادي للإسلام واستغلال معاداة الساميّة”.

مدينة “فوضويّة” و “نابضة بالحياة” في آن

أمّا صحيفة The New Yorker، المتحمّسة جدًّا، فترى أنّ “عهدَ ممداني قد بدأ”. وتكتب الصّحيفة الأسبوعيّة ذات الميول اليساريّة أن السياسيَّ الشابّ “غزا قلوب سكّانِ نيويورك في انتخابات بلديٍّة شهدت إقبالًا قياسيًا على التصويت منذ خمسين عامًا”، حيث بلغ عدد الناخبين 2.2 مليون ناخب.

بعد تهميشه طويلًا من قبل حزبه ونُخب المدينة، استطاعَ ممداني، وفقًا لصحيفة “ذا نيويوركر”، أن يجسّدَ قطيعةً مع حقبة آدامز-كومو-ترامب، ثلاث “شخصيات برّزت على الساحة السياسيّة النيويوركيّة في القرن الماضي”. حقبةٌ فاسدة واستبداديّة توّاقةٌ إلى تاريخها الصناعي.

يتجاوزُ فوزُ ممداني مجرّد انتصارِ “مغتربٍ” تقدميّ، فهو يُعيد ترسيخ اليسارِ النيويوركيّ ضمن تاريخِ حكّام المدن “الإصلاحيّين” الطّويل، من فيوريلو لاغوارديا إلى بيل دي بلازيو، وأن يصوّبَ تأثيرهُ حول رؤيةٍ أكثرَ إيجابيّةً: رؤية مدينةٍ فوضويّة ونابضة بالحياة في آن، قادرةٍ على توفير حافلاتٍ مجانيّة، وإيجاراتٍ ثابتة، وخدماتٍ لرعاية الأطفال بمتناولِ الجميع.

ترجمة : مرح إبراهيم.  Courrier international

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button