محمد محمود شحادة ( باحث بالشؤون السياسية)
في ظل الترتيبات الأخيرة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا تسري الأحداث بشكل متسارع بين الضربات الجوية من جهة والمفاوضات غير المباشرة عبر الوساطة الأمريكية من جهة، حيث يضع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ورقة من المساومات والتنازلات لتشكل خارطة طريق ومساراً سياسياً ودبلوماسياً لإنهاء الحرب وتأمين إستقرار الجبهة المشتعلة منذ ما يقارب الأربعة أعوام .
اذا حاولنا العودة الى السبب الرئيسي لهذه الحرب نجد ان نية الرئيس فلاديمر زيلنسكي بالدخول الى الاتحاد الأوروبي و حلف الناتو هو السبب، ولكن هناك مرحلة سبقت هذه الخيارات الأوكرانية ، فمنذ عام ٢٠١٤ عندما سقط نظام فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا اثر المظاهرات بعد رفضه التوقيع على شراكة مع الإتحاد الأوروبي ومن ثم هروبه الى روسيا، عندها علم الرئيس الروسي فلاديمر بوتين ببداية المخطط الأمريكي لمحاصرة روسيا غرباً عبر أوكرانيا والتحضير لعملية مشابهة للصواريخ الكوبية عام ١٩٦٢ فقرر بوتين الدخول الى القرم وإرساء حكمه فيها كحركة جيوسياسية و استراتيجية عسكرية ضرورية في تلك اللحظة لإبعاد الخطر من نقطة قريبة من روسيا، وفي الوقت نفسه تأمين الملاحة في البحر الأسود والمياه الدافئة والاطلالة على لبنان وسوريا ومضيق البوسفور والدردنيل، وفي عام ٢٠٢٢ اعلن بوتين رسمياً الحرب على أوكرانيا كضربة استباقية بعدما اقترب زيلنسكي من الانضمام للاتحاد الأوروبي والناتو والان يحتفظ بدونتسيك و دومباس ولوهانسيك المناطق ذات الشعوب الروسية .
كان بوتين يخشى من لحظة ينصب فيها الغرب صواريخه الاستراتيجية في أوكرانيا أي على الحدود الروسية، وفي الوقت نفسه يخشى زيلنسكي على حكمه واحتجاز بلده بلا اتحاد أوروبي ولا ضمانات اطلسية من جهة ولا صداقة وشراكة مع نظام الكرملن، واليوم يأتي روبيو بخارطة طريق بنوايا وسطية و ديبلوماسية ولكنها تنطوي على العديد من المخاطر لكلا البلدين.
اول ما يطالب به روبيو وقف اطلاق النار، وبما ان الروسي يرفض انضمام أوكرانيا الى الناتو فلم يأتِ المقترح الأميركي على ذكر هذا الخيار، ولكن بماذا جاء كضمانات لاوكرانيا ؟ يقترح روبيو توقيع إتفاقات شراكة ومعاهدة دفاع مشترك ثنائية مع دول الطوق الأوكراني كل على حدى مثل سلوفاكيا و بولندا و ليتوانيا ولاتفيا والدول البعيدة مثل السويد المنضمة حديثاً للناتو و فلندا، ماذا يعني ذلك؟ انه يعني ان العلاقات الثنائية تتطلب تدخلاً عسكرياً للطرف الاخر في الحرب ولكن أي طرف من هذه الأطراف وهو عضو في الناتو سيجر تلقائياً الناتو كله للدخول معه في الحرب اذا ما اعتديَ عليه من روسيا وفق المادة الخامسة من ميثاق الأطلسي التي تلزم جميع الأطراف بالمد العسكري للدفاع عن أي طرف، وهكذا نكون قد عدنا الى النقطة الأولى التي كان يخشاها بوتين ويطالب بها زيلنسكي وكانت السبب الرئيسي في الحرب بين البلدين.
اما أوروبا المنهكة اقتصاديا وسياسياً فلا ترى لنفسها حظاً في هذه الخارطة الامريكية فهي التي خسرت الغاز الروسي بعد تدمير نورد ستريم بشكل غامض اتهمت به اميركا و كذلك بريطانيا وكذلك بعض العصابات الأوكرانية وتم استبدال الغاز الروسي بالغاز المسيل و بالغاز القطري و الاذربيجاني الذي يكلف أضعاف مضاعفة فإيطاليا أول المتذمرين من خيارات عسكرية سنداً لأوكرانيا خاصة مع اقتراح ارسال جيوش غربية اليها وفق المعاهدات الثنائية، فاذا ما سار الموضوع بشكل جاد من المتوقع ان نرى انسحابات وزعزعة في الاتحاد الأوروبي وبداية مرحلة التفكك لهذا الاتحاد.
كذلك هناك مزيد من المسارات في ورقة روبيو بعد وقف إطلاق النار كخطوة أولى و مفاوضات متوازنة تتطلب تنازلات من الطرفين، ضمانات فعلية وليس مجرد وعود مثل التدخل العسكري عند الضرورة و العمل الاستخباراتي الواسع للغرب في أوكرانيا، وثم إشراك أوكرانيا والدول الأوروبية في الحوار في ارض محايدة مثل الفاتيكان كمكان للمحادثات.
كثيرة هي الحلول ولكن الأكثر منها الألغام والفخاخ التي تطوق روسيا مجدداً و تورط الأوروبيين اكثر فاكثر و حتماً مزيد من التعب والانهيار في الدولة الأوكرانية التي تراها اميركا رأس الحربة في مواجهة روسيا.
La pompe de terre : une invention qui fit jaillir l’eau de l’histoire Nadine Sayegh-Paris…
سامي كليب مشكورة الدول التي اعترفت وتعترف بالدولة الفلسطينية، فهذا حقٌ فلسطيني طال انتظاره، وأن…
بقلم : بيار جاكمان في مجلّة Politis منذ الهجوم البري الذي شُنّ غداة عملية حماس…
سامي كليب ثمة مؤتمراتٌ تدفع إلى الملل من لحظاتِها الأولى،…
Le sang, cette mosaïque invisible qui coule dans nos veines ! Nadine Sayegh-Paris De l’Antiquité aux…
عن دراسة بعنوان : تزييف التاريخ: السياسة البغيضة لإحصاء ضحايا غزة ريتشارد هيل وجدعون بوليا*…