آخر خبرمقال اليوم

السدّ التكنولوجي الاسرائيلي في الحروب

برلين-ليزا داغر

لا يُمكن فهم تفوق إسرائيل العسكري على كل التنظيمات العسكرية والدول العربية في التاريخ الحديث، سوى بقدراتها الكبيرة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي والقطاع السيبراني في مجالات الأمن والحروب. اليكم نبذة مختصرة عمذَا طوّرته في السنوات القليلة الماضية دون ان تُلغي تمامًا امكانية اختراقها، حيث استطاعت إيران تحقيق بعض الاختراقات لنظام الحماية الاسرائيلي في عدد من القطاعات. 

نمو صناعة الأمن السيبراني

بين عامي 2011 و2021، ارتفع عدد الشركات العاملة في مجال الأمن السيبراني في إسرائيل من 162 إلى 459 شركة، مما يعكس نموًا ملحوظًا في هذا القطاع. ففي عام 2021، جمعت هذه الشركات 8.8 مليار دولار عبر أكثر من 100 صفقة، أي ثلاثة أضعاف ما تم جمعه في العام السابق. علاوة على ذلك، شهد العام نفسه أربع عمليات طرح أولي للاكتتاب العام، ووصلت 11 شركة إسرائيلية جديدة إلى مكانة «يونيكورن»، حيث تجاوزت قيمة كل منها مليار دولار. ومن الجدير بالذكر أن واحدة من كل ثلاث شركات «يونيكورن» في العالم تنتمي إلى قطاع الأمن السيبراني الإسرائيلي.

الحصة في السوق العالمية

وفقًا للمكتب الوطني الإسرائيلي للأمن السيبراني (INCB)، احتلت إسرائيل منذ العام 2014 المرتبة الثانية عالميًا بين مصدري حلول الأمن السيبراني، حيث بلغت صادراتها آنذاك3 مليارات دولار، ما يمثل نحو 5% من السوق العالمية المقدرة حينها بـ75 مليار دولار. وفي قطاع المنتجات فقط، قدرت حصة إسرائيل بنسبة 7%. واما حاليا فإن إسرائيل تحتل مكانة بارزة في استثمارات الأمن السيبراني، حيث استحوذت على حوالي 40% من الاستثمارات العالمية في هذا المجال خارج الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية.

وفي عام 2023، بلغت استثمارات إسرائيل في مجال الأمن السيبراني حوالي 3 مليارات دولار، رغم التباطؤ العالمي في تمويل الشركات الناشئة، وشدهت استثماراتها في 2024 نموًا متزايدًا نظرًا لأهمية القطاع في استراتيجياتها الاقتصادية والأمنية.

 المبادرات الحكومية والتجمعات التكنولوجية

أطلقت الحكومة الإسرائيلية مبادرة الأمن السيبراني الوطني في عام 2010، بهدف وضع البلاد ضمن القوى الخمس العظمى في مجال الأمن السيبراني عالميًا. وقد أسفرت هذه المبادرة عن إنشاء المكتب الوطني للأمن السيبراني (INCB) وتطوير حديقة التكنولوجيا المتقدمة في بئر السبع، التي افتتحت عام 2013. وقد أُنشئت هذه الحديقة في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، بهدف تحويل بئر السبع إلى مركز عالمي للابتكار في الأمن السيبراني، من خلال تعزيز التعاون بين القطاعات الأكاديمية والخاصة والعسكرية.

القدرات في الحرب السيبرانية

أظهرت إسرائيل قدراتها الهجومية في مجال الحرب السيبرانية من خلال عمليات مختلفة. على سبيل المثال، في عام 2012، اكتُشف فيروس «Flame» في الشبكات الحاسوبية الإيرانية، وكان هدفه جمع كميات هائلة من البيانات. وفي عام 2015، تم الكشف عن نسخة جديدة من برمجية «Duqu» الخبيثة في أجهزة حواسيب بفنادق في النمسا وسويسرا، حيث كانت تُجرى مفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتؤكد هذه العمليات مستوى التطور التكنولوجي الإسرائيلي في هذا المجال.

تشير التقارير إلى أن إسرائيل استخدمت عدة أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة في حربها على غزة ولبنان، منها:

  1. نظام “حبيب” (Habsora):

    • يُستخدم لتحديد الأهداف العسكرية من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات الاستخباراتية.
    • يعتمد على الذكاء الاصطناعي في اختيار الأهداف بشكل شبه تلقائي.
  2. نظام “غوسبل” (Gospel):

    • مصمم للتنبؤ بحركات المقاومة وتحليل شبكاتها.
    • يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمعالجة المكالمات والاتصالات لاعتراض الرسائل وتحديد مواقع الأفراد.
  3. نظام “فاير ويف” (FireWave):

    • يُستخدم لتنسيق الضربات الجوية والأرضية.
    • يعتمد على تحليل الصور الجوية وتحديد الأهداف في الوقت الحقيقي.
  4. نظام الطائرات المسيّرة الذكية:

    • تعمل طائرات بدون طيار مزودة بخوارزميات ذكاء اصطناعي لتنفيذ مهام المراقبة والاستهداف بشكل شبه ذاتي.
  5. نظام “سيغنيت” (SIGINT):

    • يُستخدم لجمع وتحليل الإشارات والاتصالات الإلكترونية.
    • يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تحديد الأنماط وتحليل التهديدات.
  6. الروبوتات الأرضية الذكية:

    • روبوتات استطلاعية قادرة على دخول المناطق الخطرة واكتشاف الأنفاق والعبوات الناسفة.
  7. أنظمة الحرب النفسية الرقمية:

    • تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل وسائل التواصل الاجتماعي واستهداف الجمهور بمحتوى مصمم للتأثير على الرأي العام.

مختصر القول ، إنّ اسرائيل نجحت  في تطوير صناعة أمن سيبراني ديناميكية ومبتكرة، مدعومة بمبادرات حكومية استراتيجية وثقافة قوية للابتكار، ما جعلها لاعبًا رئيسيًا على الساحة العالمية في مجال الأمن السيبراني والحرب السيبرانية، وهو ما يتطلب أخذه بعين الاعتبار من قبل الدول العربية إذا ما أرادت حماية امنها القومي في السنوات والعقود المقبلة.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button