هيثم منّاع: نُرحب بسقوط الأسد وقلقون من الشرع
أجرى المقابلة Pierre Barbancey لصحيفة L’humanité الفرنسية
ترجمة : نادين كرم-باريس
يعتبر هيثم منّاع من أقدم وأبرز المعارضين للنظام البعثي السوري ولعائلة الأسد، وفي الوقت نفسه هو طالما ناهض الاسلاميّين واستراتيجيتهم المُسلّحة والتدخّلات الخارجية في بلاده، ممّا دفع متشدّدي الاسلاميّين لإصدار فتوى ضدّه، كما أن الدول الغربية وعددًا من الدول العربية التي دعمت إسقاط النظام لم تستطع تطويعه ولا إغراءه، حيث كان منذ البداية وما زال يعمل لقيام دولة سورية مدنية ديمقراطية تسودها العدالة وليست تابعة لأي طرفٍ خارجي. واشتهر منّاع في تاريخه بدفاعه عن سجناء الرأي وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية في كل الدول العربيّة قبل أن يؤسس في جنيف التي انتقل إليها من باريس معهدًا لحقوق الانسان عقد فيه مؤتمرات عديدة حول سورية وكيفية العمل لاسقاط النظام دون إراقة دماء وإقامة حكم ديمقراطي لا يستبعد أحدًا .
وهنا النص الحرفيّ للمقابلة :
- الرجل القوي في هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، تحدّث قبل يومين لقناة العربية وقدّم رؤيته للمرحلة الانتقالية. كيف ترد على ذلك؟
- منّاع : باستثناء الملابس الجديدة وربطات العنق، من الواضح أنه يتحدث بالطريقة نفسها التي تحدث بها مَن نفذ انقلاباً عسكرياً على النظام، أي بالطريقة عينها التي كان يُمارسُها سابقًا في إطار “حكومة الإنقاذ السورية” التي أنشأها في إدلب. وبالتالي فإنَّ خارطة الطريق المقترحة مثيرةٌ للشفقة: فهو يريد تنظيم مؤتمر للحوار الوطني في غضون أيام قليلة، ويدعو إليه أنصارَه وبعضَ الآخرين للموافقة على ما حوّله إلى أمرٍ واقع، ومنحه جميع السلطات لعدة سنوات.
هذا هو المعنى الحقيقي لوعده بدستور جديد خلال ثلاث سنوات وإجراء انتخابات في غضون أربع سنوات. لم يعد الأمر يتعلَّق بحكومة انتقالية أو سلطة أمر واقع، بل أصبح يتعلَّق بتركيز السلطات وثروات البلاد في يد رجل واحد ومجموعة متجانسة من حوله. ولنتذكّر أنّه قبل 24 ساعة من المقابلة، أصدر مرسوماً يُعلن فيه 49 تعييناً وترقية من ميليشياته الخاصة بهيئة تحرير الشام في المناصب الرئيسية للجيش الجديد. فمثلاً على رأس أجهزة المخابرات، يوجد أنس خطاب، المُدرج على قائمة الإرهابيين من قبل الأمم المتحدة منذ عام 2014. وهو مرّ عبر داعش وجبهة النصرة. ويمكنه الآن حل هيئة تحرير الشام، التي أصبحت النواة الصلبة للجيش السوري والمخابرات.
- هل يمكن لمشروع المعارضة الديمقراطية والعلمانية، التي تمثلون أحد أركانها، أن يندمج مع مشروع هيئة تحرير الشام؟
- منّاع: اليوم، نحن أمام تجربة مشابهة لتجربة الخمير الحمر ( في كمبوديا) ولكن براية سوداء. فبالنسبة للسلطة الحالية، تعتبر تجربة إدلب نموذجاً. ولكن هناك ( في إدلب) ، حتى اليوم، لم يفرجوا عن أي سجين في 11 منشأة تحت سيطرتهم. وحقوق النساء غير موجودة، ولا يمكن لأي تشكيل سياسي أن يعمل.
عندما يُسأل الشرع عن الجهاديين الأجانب في المدن السورية، يجيب: “في أوروبا، يحصل المرء على الجنسية بعد خمس سنوات، وهؤلاء الناس موجودون في سوريا منذ عشر سنوات!”. وقد تجنّب الشع بعناية لافتة الحديث عن الوضع المستقبلي للنساء، وعن رؤيته الجديدة للعلاقة بين الدولة والدين… ولم يشكّك أبداً في المفهوم الشمولي والطائفي والإقصائي لجبهة النصرة. لا يمكن اللعب بالنار والرقص مع الشيطان.
- من ستجمعون وكيف تعتزمون التصرّف لجمع السوريين حول مشروعكم
- منّاع : كُنّا كما تعلمون قد شكّلنا شبكة، مع عشرات القوى السياسيّة والمنظّمات غير الحكوميّة لحقوق الانسان والمجتمع المدني المناهض لنظام البعث، وأطلقنا نداءً لمؤتمر وطني سوري موسّع قبل 20 كانون الثاني/ يناير المُقبل في جنيف وسيتضمّن مشاركات عبر الفيديو وشبكات التواصل الاجتماعي عند بعد مع كل المدن السوريّة الكُبرى، وسوف نصوغ سويًّا خارطة طريق للخطوات المُشتركة بغية بناء سورية الجامعة لغالبية السوريّات والسوريّين.