صاحبة رقصة الظلال السعيدة تودّع نساءها ببسمة

ديانا غرز الدين
لم تحظ القصة القصيرة باهتمام او اعتراف الاكاديمية السويدية، حتى اتت “تشيخوف العصر” الكندية اليس مونرو و أثبتت ان القصة القصيرة لا تقل شأنا عن الرواية الطويلة. فكانت هي اول من نال جائزة نوبل للأدب عام ٢٠١٣ ، عن مجموعتها القصصية “رقصة الظلال السعيدة” التي صدرت عام ١٩٦٨ .
ما يميز اسلوب و قصص مونرو هو كثافة و عمق المحتوى الذي يهدف الى ايصال الرسالة او الحدث في مدة زمنية قصيرة، مع حبكة جيدة و لمسة ساحرة و غوص في اعماق و تفاصيل الشخصيات (أغلبها من الجنس الأنثوي) مهما كانت بسيطة و عادية . فشخصياتها و ابطالها هم من قلب الحياة اليومية ، التي تشكل الموضوع الاساسي لقصصها ، فتجذبك الى عوالمهم الريفية و نزاعاتهم الأخلاقية و العائلية، و تجعلك تفكر في معانيها و تشعر بانعكاس لاعماق نفسك بما تحمله من دفقات قوية من المشاعر و قوة الدراما ، و هو ما يجعل تأثيرها اكبر في القارىء.
في كتابها الشهير صاحب الجائزة، سلطت مونرو الضوء على قصص نساء عاديات و أضفت على مشاهد من حياتهن اليومية الكثير من العمق و المعاني. فهنا تحكي عن ابنة تكتشف بالصدفة علاقة ابيها . و هناك خادمة تحلم بحياة مثل حياة مخدوميها. و هناك ايضا ربة المنزل المريضة التي تكافح من اجل قليل من الاهتمام و العاطفة من بناتها و جيرانها. كما هناك تلك الصبية التي انتظرت موت جدتها المتسلطة كي تنطلق الى العالم الرحب بكل اخطاره و زواريبه المخفية. و الكتير غيرهن من نماذج الحياة اليومية لنساء في الريف .
في قصص مونرو القصيرة نجد مقومات الرواية الطويلة نفسها، من حبكة متقنة و ذروة في الاحداث ووصف دقيق للشخصيات وتفاصيل الامكنة من بيوت و شوارع و حقول و بحيرات. كما تأسرنا بمعالجتها الساحرة لمشاكل أبطالها و صراعاتهم مع محيطهم و مع ذواتهم. ليس من السهل اختزال كل تفاصيل الحياة بسطورو صفحات قليلة . لكن مونرو استطاعت ان تترك بصمة واضحة في الادب و امتعت العالم بكتبها المميزة ، متل “اقمارالمشترى” و غيرها .
وُلدت هذه الروائية الفذّة التي لُقّبت ب ” أيقونة الأدب الكندي” في العام ١٩٣١ .وتوفيت افي شهر أيار/ مايو الماضي عن عمر ٩٢ عاما أمضت معظمه في كتابة القصص القصيرة ونالت جوائز عدة توجتها بنوبل عام ٢٠١٣.
من كتبها :
“سعادة مفرطة” ، ” اسرار معلنة ” ، “أقمار المشتري”، “رقصة الظلال السعيدة ” و غيرها من الروايات القصيرة التي ابدعت بها باسلوبها البسيط و الصادق .
اقتباسات من الكتاب :
“المنزل لا يعني الشيء نفسه للمرأة كما يعنيه للرجل، فهي ليست بشخص يأتي الى المنزل، يحقق منه نفعا، ثم يغادره مرة اخرى، المرأة “هي” المنزل ، يستحيل الفصل بينهما..”
” هذه الغرفة الكئيبة الموحشة الطراز كانت لا تبعث على الراحة، لكنها في الوقت نفسه تبعث على الطمأنينة، هنا وجدن انفسهن ، عاما تلو الاخر، مجموعة من النساء الشابات المشغولات اللائي قدن سياراتهن على مضض عبر شوارع روسدل المهملة ، و ظللن يتذمرن لاسبوع قبل الحفلة ، بسبب الوقت الذي سيضيع، و الجلبة التي ستصحب تنسيق ملابس الصغار، و فوق هذا كله، الملل الذي سيلاقينه، لكنهن اجتمعن معا بدافع من الولاء الزائف لطقوس طفولتهن ، و لنمط حياة اكثر انضباطا كان يتفكك حتى في ذلك الوقت…..”