بعد الهجوم على الكليّة الحربيّة: ريم الاطرش تدعو لاقتلاع الأشواك
https://lo3batelomam.com/?p=6106&preview=true
بعد الاعتداء على الكليّة الحربيّة في حمص
“لنقتلعْ أشواكنا بأيادينا”
د. ريم منصور سلطان الأطرش *
مَثَلٌ نستخدمه بالعاميّة الشامية، ويوازيه في الفصحى “ما حكّ جلدُك مثل ظفرك”.
وأول الأشواك التي علينا اقتلاعها بالعزيمة الصلبة، هو الإرهاب المتوحّش وداعموه من الاحتلالات الاستعمارية، الذي ضرب شبابنا الضباط الخرّيجين وذويهم في الكلية الحربية في حمص، عشية ذكرى مرور نصف قرن على حرب تشرين، أكتوبر، فارتقوا شهداء نترحّم عليهم، ونرجو الشفاء العاجل للجرحى.
يريد الإرهاب وداعموه إعادتنا إلى نقطة الصفر، قبل اثني عشر عاماً، وهذا ما لن يسمح به شعبنا المضحّي وجيشنا الباسل، ولا بدّ من ضربهم بمقاومة شعبية صلبة توجِع تلك الاحتلالات الأجنبية وتجبرها على الانسحاب من أرضنا الطاهرة.
والأشواك التي تنغّص علينا حياتنا، علينا التعاون والتجمّع لاقتلاعها: فتعالوا لنفعلْها سويّاً يا أهلي السوريين في كل مكان. تعالوا لنقرّرْ سويّاً حواراً وطنياً جامعاً حول طاولة مستديرة، نحن الذين لا يزال ولاؤنا للوطن، ولم نخلط يوماً بين هذا الولاء وبين ولائنا أو معارضتنا لمنْ يتولّون شؤون الحكم. فالوطن نحبّه حتى لو قست الحياة فيه علينا. والسلطة نقف معها على درب المقاومة، وفي حال صانت كرامتنا ولم تقيّد حرياتنا العامة، وإنْ هيّأت لنا أسباب العيش الكريم والنهضة ومواكبة الحضارة، أما إنْ لم تفعلْ فسنعارضها فكريّاً، وهذا من حقّنا عليها.
المعارضة هي وليدة حوار وخيار: حوار بين الجماعات وخيار من ضمنها.
إنّ المعارضة في الدولة الحديثة هي جزء لا يتجزّأ من الحُكم الذي يتولّى إدارة الشأن العام. والشأن العام هو ملك لكل الناس. ومن هنا، تكون إدارة الحكم تشكيلاً، فيه من يحكم وفيه من يعارض.
ليست المعارضة تمرّداً مسلّحاً، بل هي معارضة فكرية تقوم بدور الرقيب اليقِظ على السلطة حين تجمح بها نشوة الحكم، وذلك استناداً إلى دستور صادر عن ممثّلين حقيقيين لعموم الناس، وقد أقرّه الشعب ديمقراطياً بلا أدنى لَبْس. ومن البديهيّ أن يضمن الدستور شرعية المعارضة كي تمارس رقابتها اليقظة. ولا يكون تعايش السلطة والمعارضة، وهما جناحا الحكم الذي يعطي التوازن للنظام، إلا باعتراف السلطة بالمعارضة، واقعاً سياسياً راهناً ومشروعاً يقتضيه تنشيط الحياة السياسية.
أما الحوار، فهو ظاهرة حضارية تميّز الإنسان، ولا يليق بمن يتعاطى الشأن العام أن يضيق ذَرعاً به، حتى لو كان يملك سلطة تعطيله. فالحوار الحرّ يُغنينا عن العنف. ولا يكون حوار إلا بين فريقين مختلفين في الرؤية، كي يصلا إلى قواسم مشتركة للبناء عليها. لذلك، لا بدّ من أن يسبق الحوار اعتراف متبادل بين الطرفين، وأن يتمّ الالتزام بنتائج هذا الحوار؛ وسوى ذلك، هدر للوقت والجهد.
رُبّ سائل يسأل: وحول ماذا نتحاور؟
فأجيبه، “على قدّ فهمي”، بالتالي: نطرح مشاكلنا ونناقش أسبابها بجرأة وصدق على طاولة الحوار، ونتناقش بهدوء لإيجاد حلول لها لصالح الشعب، لا لصالح فئة بعينها. هذا إنْ أردنا بناء وطن معافى ومواطن سليم العقل، راقي الروح!
ويمكنني هنا تعداد مشاكلنا، وهي كثيرة، وقد أكون قد أغفلتُ بعضها سهواً:
- العَوَز الذي وصل إليه أكثر من 90 ٪ من الشعب السوري، وما ينتج عن ذلك من مشاكل اجتماعية مخيفة. ومحو الطبقة الوسطى.
- الاحتكارات، الفساد، الخصخصة، الليبرالية الاقتصادية، وجنون الأسعار، والتهرّب الضريبي.
- هجرة جيل الشباب والشابات، وتفضيلهم الموت في البحار وغابات أوروبا على البقاء في سورية.
- تراجع مستوى التعليم في المدارس والجامعات بشكل ملحوظ. وازدياد نسب الأميّة.
- تراجع مستوى العناية الصحية، وأهمّ أسبابه تخريب بُناها التحتية في الحرب والحصار الغاشم علينا.
- عدم احترام القوانين، فالشاطر هو من يخرقها، فيفرغها من مضامينها.
- عدم بسط سيادة الدولة على كامل التراب السوري: الاحتلالات وضرورة مقاومتها.
- عدم الشعور بالمواطنة، أي عدم التساوي في الحقوق والواجبات.
- عدم نجاعة العمل البرلماني كي يُحدث فارقاً ملحوظاً في الرقابة على السلطة التنفيذية.
- نقص الحرية في الإعلام.
- وجود معتقلين بسبب آرائهم ووجود مفقودين ومغيّبين، نتيجة الحرب.
- الاستملاك، القديم، الجديد.
- التطرّف في معظم الآراء والاتجاهات.
- المشاكل الحقيقية في إدارة القطاع العام، علماً أنه بإمكانه أن يكون رابحاً.
- وضع الكثير من النقابات، بشكل عام، التي لا تدافع، في غالب الأحيان، عن أحوال المنتمين إليها.
- نقص التعددية السياسية الحقيقية.
- مشكلات نقص الطاقة: بسبب الاحتلال الغربي ونهب ثروات سورية.
- نتائج الحصار الاقتصادي على سورية وكيفية التصدّي له: إيران وكوبا نموذجاً.
يبدو من كل هذه المشاكل وغيرها، وأسبابها، أنّ أمامنا حواراً شاقاً، قد يؤدي إلى بناء جمهورية على أسس جديدة، تعطي الأمل بحياة أفضل وبمقاومة راسخة، في سبيل تحرير الأرض وبناء إنسان جديد، روحه عامرة بالأمل له في مستقبل مشرق لأبنائه.
د.ريم منصور الاطرش: كاتبة وأديبة وباحثة لها مؤلفاتٌ عديدة عن تاريخ وحاضر سورية وأرشيف سُلطان ومنصور الاطرش ورواياتٌ وكتبُ ودراسات عديدة في الادب والسياسة