فاغنريو لبنان وقائد الجيش والرئاسة
سامي كليب:
لا شكّ في أنّ جيل الحرب الأهليّة اللُبنانيّة، يتذكّر حين يشاهد اليوم تمرّد يفغيني بريغوجين مؤسّس وقائد مجموعة فاغنر على رفيقه السابق الرئيس فلاديمير بوتين وجيشه، أحداثًا دمويّة كثيرة مُشابهة حصلت في لُبنان، حيث كان الرفاقُ ينشقّون عن الرفاق في قسمَي بيروت الشرقي والغربي، ويتذابحون فوق جثّة الدولة، ويفتحون أبوابَ الوطنِ لكلّ مرتزق ومحتلّ وطامعٍ، وغازٍ، وعدوٍ وشقيق، ويساهمون في إضعاف الجيش الوطنيّ، وينحرون الوطن.
دأبُ الحروبِ العسكريّة أن تُنتجَ أمراءَ حربٍ، فهؤلاء غالبًا ما تقسو قلوبُهم في المعارك، وتُملأ جيوبُهم بالمال، ويشعرون بأنّهم باتوا أقوى من الدولة التي يتقاتلون على أرضها، وبأنَّ لهم الحقّ في قطف ثمار الانتصارات الحقيقيّة أو الوهميّة، وتبوؤ مراكز القيادة، أو أنّهم يقرّرون في لحظة الذروة القتاليّة والدمويّة الانسحابَ من المعركة كي لا يكونوا وقودًا لها، أو يتعرّضون للاختراق والاغراء مِمّن يقاتلونهم.
كلّ التقارير الغربيّة، تُشيرُ الليلة إلى الإحراج الكبير الذي سبّبه بريغوجين لحليفه السابق بوتين، على المستويّين العسكريّ والسياسيّ، لكنّ التقاريرَ نفسَها تؤكد أنّ دخولّ بوتين على خط الصراع بين قائد فاغنر وقيادة الجيش، لصالح هذه الأخيرة، واعتبارَه الأمرّ “خيانة”، يُضيّق الهامش أمام بريغوجين الذي قُتلَ نصفُ قواتِه تقريبًا في المعارك، وقد يواجه الاعتقال او الهروب والنفيّ او تنجح الوساطة في اعادته الى بيت الطاعة، وأن أمَله بانضمام قادة كبار الى حركته ضيّق جدًا.
جاءَ هذا الحدثُ الروسيّ الأوكرانيّ الكبير، ليُذكّر الجميع، بِمَن فيهم اللبنانيّين، بأنّ الحروبَ الكُبرى تدورُ في أماكنَ أخرى من هذا العالم، وأنّ حروبَهم الصغيرة لأجل انتخابِ رئيسٍ للجمهوريّة، ما عادت تُثيرُ انتباهَ أحدٍ، في صراع المحاور ورسم الخرائط العالميّة، وترسيم خطوط الصراع الدوليّ بين الشرق والغرب.
لكن الصورةَ الكُبرى في أوكرانيا، أو في ترحيب منظومة “البريكس” بانضمام دولٍ جديدة اليها مثل مصر وإيران وغيرهما، والصورة الاقليميّة التي تشهد مزيدًا من التقارب الإيراني السعودي بعد فتح السفارتين، وتشهد مضاعفةً للجهود الروسيّة والايرانيّة للتقريب بين سوريا وتركيّا بعد فتح الأبواب المُغلقة بين العرب ودمشق، أمورٌ تدفعُ للسؤال عمّا ستؤول اليه الانتخابات الرئاسية اللُبنانيّة.
قد نجد بعضَ الجواب في شرحٍ مُفصّلٍ لمسؤولٍ دوليّ، بعد زيارةِ المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت. ومفاد جواب المسؤول الذي تمنعُه صفتُه الدوليّة من الإفصاح عن اسمه هو التالي:
هل تنجح قطر في تسريع الخُطى لانتخاب قائد الجيش قبل نهاية ولايته؟ هذا يتطلّب أولاً تعديلاً في موقف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي حتّى ولو أن حليفَه حزب الله قرّر عدم التصويت لعون، وقد سرّب رئيس برّي لقناة الجديد أمس رأيه القائد بأنّ أميركا تُريد قائد الجيش. لكنّ برّي يقول لكل مَن يزوره :” إنّ هذا المجلس لن يُعدّل القانون لانتخاب قائد الجيش”.
لا شكّ في أنَّ الذهاب نحو خيار جوزف عون، يتطلّب ثمنًا كبيرًا لإقناع حلفاء فرنجيّة بتبنّي الخيار الثاني، خصوصًا أنّهم أثبتوا على مدى الأشهر الثمانية المُنصرمة أنّهم على استعداد لتكرار تجربتهم مع انتخاب عون وإبقاء الرئاسة مُجمّدة لفترة طويلة، وعندهم القدرة على ذلك.
فهل خيارُ عون واقعيّ؟ لا أحد يستطيع الجزم، لكنّه بات مطروحًا بقوّة وأكثر من أي وقت مضى في الدوائر الرسميّة العربيّة والدوليّة، حتّى ولو أنّ حلفاء فرنجيّة يجزمون بأن لا رئيس غيره، وحتّى لو أن جولة لودريان اقنعت باريس بضرورة عقد مؤتمر للحوار الداخلي للخروج من المأزق.
لا شكّ في أنّ كلّ لُبنانيّ كان يتمنى، لو أن ساستَه، لا الخارج، اتفقوا على مُرشحين يتنافسون ديمقراطيًّا ويُنتخب الأفضل بينهم من سليمان فرنجيّة الى جهاد أزعور إلى زياد بارود إلى نعمة إفرام وغيرهم ، لكنّ ” الفاغنرية السياسيّة” ما زالت، على ما يبدو، اللغة السياسيّة الوحيدة بين أمراء الحروب.
مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…
Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…
ترجمة عن صحيفة هآرتس لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…
ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…
Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…
Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…