اقبال الأحمد-القبس الكويتية
قبل أي تشكيل وزاري، تتصاعد أصوات بعض أعضاء مجلس الأمة، منادية بحسن اختيار الوزراء.. مرعدين ومزبدين بأن إعادة اختيار هذا الوزير أو ذاك، أو فلان وفلان، أو أي سوء اختيار لأعضاء الحكومة، هي إعلان تصعيد من جانب المجلس أو من جانبهم شخصياً.
ما يجب أن يقال في هذا الموضوع إن الأهم هو حسن اختياركم أنتم يا أعضاء مجلس الأمة، لأن ما وصلنا إليه من تردٍّ في جوانب عمل ومخرجات مجلس الأمة في الفترة الأخيرة هو بسبب سوء الاختيار، خصوصاً لبعض أعضاء مجلس الأمة، الذين حادوا كثيراً عن الطريق القويم، واتخذوا لأنفسهم مساراً يحقق ما يريدونه هُم.. وليس بالضرورة ما يريده الوطن.
ولكي ننجح ونمضي قدماً في مسار التنمية والتطور، فلا بد للميزان أن يتعادل.. دفة الحكومة ودفة المجلس.. وحسن الاختيار، كما هو مطلوب عند الحكومة، هو مطلوب أيضاً، وبإلحاح أكثر، عند أعضاء المجلس.
فلا يزايد بعض النواب ويفردوا عضلاتهم ويكشروا عن أنيابهم قبيل كل تشكيل حكومي، وعلى الشعب أن يتحمّل جزءاً كبيراً من مسؤولية فشل الإنجاز والتنمية والتطور في البلد، إذا ما أتى بالفاشل والضعيف والكسول وصاحب الأجندات الخاصة والمتطلع إلى جني الثروات قدر ما يستطيع خلال فترة عمل المجلس.
كما على السلطة التنفيذية أن تتمعن أكثر في السيرة الذاتية وحسن أداء ونظافة ملف من تقترحه ليتولى منصباً وزارياً أو إدارياً في مؤسساتها وهيئاتها.
فالمسؤولية هنا مشتركة.. إلا أننا كشعب.. علينا أن نتحمّل مسؤولية بعض «الجيد والرديء»، الذين أوصلناهم إلى كرسي المجلس. وفي المقابل، الحكومة تتحمّل أيضاً مسؤولية وصول بعض هذا «الجيد والرديء» إلى كرسي الوزارة وبعض المواقع الحساسة في الدولة.
إلا أننا في الوقت نفسه نحيّي وبقوة ونرفع القبعة والعقال للاختيارات الجميلة والمسؤولة لبعض نواب المجلس من الجنسين.. وأيضاً للاختيارات الجميلة لبعض الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة.
عدم الابتعاد عن الاختيارات الضيقة التي أهلكتنا وسحبتنا للوراء هو علتنا.
الأمر الأهم والأهم جداً هو الرأس الحكومي، لأنه مَن يُسيّر الجسد كله، وهو من يطلق إشارات الحذر والتوقف والتراجع والمُضي، وهو من يدير دفة التنمية والسياسات العامة وتوجيهها بحسب متطلبات كل مرحلة وضروراتها.
رأس الهرم الحكومي هو من يقرّر ويوجّه ويتحمّل، من خلال رؤية ثابتة لا يحيد عنها قيد أنملة، إذا ما كان يعرف جيداً ماذا يفعل؟ ولماذا؟ وكيف؟
من الخطأ والخطأ الفادح أن نُحمِّل جهة بذاتها كل المسؤوليات، ونبرّئ أخرى من كل المسؤوليات، لمجرّد أننا نحب هذه الجهة ونكره الأخرى.
الموضوعية مطلوبة، لأنها السبيل الوحيد الذي يكفل وصولنا إلى النتائج المرجوة بكل قوة وثبات وثقة
المقال نُشر في صحيفة القبس الكويتية
https://www.alqabas.com/article/5908581