المغرب: رحيل الفنان المبُدع الحاج أحمد ولد قدور
جلال كندالي-الرباط (صحيفة الاتحاد الاشتراكي)
نجم آخر يهوي، ليلتحق بقامات فنية أخرى رحلت عن دنيا الناس، بعدما تركت وراءها إرثا فنيا، جعلتها حاضرة اليوم بيننا رغم قساوة الغياب،إنه الفنان القدير الحاج أحمد ولد قدور، أو ” مول العلوة ” ،الذي ارتقى إلى جوار ربه أول أمس السبت بمسقط الرأس والهوى مدينة ابن أحمد إقليم سطات، بعد عقود من العطاءخح.
برحيل الفنان ولد قدور، تفقد الأغنية الشعبية ومعها الساحة الفنية، أحد رموزها الكبار، ويلحتق
بالفنانين علي ومحمد بشار المشهورين بقشبال وزروال، وغيرها من القامات الكبيرة .
ويعد الفنان الراحل سي أحمد ولد قدور من أعمدة الفن المغربي الأصيل وهرم في الفن الشعبي وأيقونة فريدة من الفن الشعبي الوثري، اشتهر بالعزف على آلة الوتار ، وبأغانيه التي أداها طيلة مساره الفني، بالإضافة إلى أغنية العلوة، التي يؤديها بصيغتها القديمة، هناك أيضا أغنية ” لغزال ” وغيرها من الأغاني التي تخطت حدود الوطن.
الفنان أحمد ولد قدور ،منذ أن كان طفلا ،قرر أن يكون عازفا بعد منعه من حفل للشيخات ، حفظ أغنية «العلوة» وهو طفل عن عيساوة، كما حفظ أغنية «لغزال» عن والده الذي كان يحكيها له وعمره 3 سنوات.
الفنان القدير الحاج أحمد ولد قدور أيقونة الفن العيطي وشيخها الجليل،اشتهر بأدائه لأغنية «العلوة»كاملة كما هي، وقد حفظها عن ظهر قلب لما كان يتسلل صغيرا في مجمع النساء بامزاب وهن يستقدمن عيساوة ، توفيت والدته وهو في سن الثالثة من عمره ،بقي عهدة بيد والده الذي كان ينام بجنبه، وفي كل مساء يروي له الحكايات لينام، من ضمنها الأغنية الشهيرة «لغزال «.من الأشياء الأخرى التي دفعته لولوج هذا العالم، منعه بمعية أقرانه من متابعة الفرجة «الشيخات»، مما اضطره إلى الإصرار على تعلم العزف رغم اعتراض والده وتعرضه للضرب.
انتقل إلى الدار البيضاء وهناك بدأت رحلة شيخ العيطة بامتياز.
مساره الفني أو جزء منه سبق أن حكاه لجريدة الاتحاد الاشتراكي على هامش تكريمه في الدورة السابعة لمهرجان لوتار المنظم من طرف جمعية المغرب العميق لحماية التراث بسطات، صحبة الثنائي قشبال وزروال
يقول أحمد ولد قدور شيخ العيطة أو «مول العلوة «الأغنية الشهيرة التي تغنت بها أجيال وأجيال وتخطت حدود الوطن،أن ولعه بالفن كان منذ الس صغر.وفي لقاء مع جريدة الاتحاد الاشتراكي على هامش تكريمه حينما كنت صغيرا ،كنت كباقي أقراني نتفرج في «الشيخات، «لكن هذه الفرجة لاتكتمل بعد أن يصر الكبار من أهل الدوار على طردنا وتوالى الأمر،في تلك المرحلة، قررت أن أتعلم العزف لتكون لي «رباعتي حتى أنا». وبالفعل، صنعت آلة موسيقية «طارو»، وبدأت أتعلم وهو ماتيسر لي في آخر المطاف»،ووليت أحسن منهم «، لكن بعد نفي السلطان محمد الخامس تم منعنا من العزف وعدم تبيان أي مظهر من مظاهر الفرح.وغادرت منطقة امزاب إقليم سطات إلى الدار البيضاء، حيث تعرفت على أناس يشتغلون في الحلاقة، كانوا مولعين بآلة لوتار. وحين وقفوا على موهبتي، بدأوا يصطحبونني معهم في الحفلات والأعراس.وبعد أن تدبرت أمري، اقتنيت آلة لوتار ،وقررت الاشتغال وحدي. وفي بعض الأحيان، اصطحب معي شخصا أو شخصين للعمل معي في الأعراس والحفلات مقابل «باللي يقسم الله «. وعن التعويض المادي الذي كان يتقاضاه في بداياته الفنية، يتذكر الفنان القدير الحاج أحمد ولد قدور رحمه الله، أن المبلغ وقتذاك تراوح مابين 20درهما و30درهما في بداية الستينيات من القرن الماضي. وعن كيفية الإلمام بأغنية «العلوة» المشهور بأدائها كاملة، وكيف تم تجميعها، يقول ولد قدور:لأني أعرف الأولياء الصالحين كلهم، بحكم أني ابن امزاب،وقد سمعتها من «عيساوة» الذين كانوا يؤدونها بآلة «القصبة»،وهي عادة كانت معروفة ،إذ كانت مجموعة من النساء يتفقن وحدهن على إحضار «عيساوة»، فقلت «ضاحكا»من اليوم «أنا صاحب لعيالات « وأغنية «العلوة «تراثية قديمة ،وقد حفظتها عن ظهر قلب مُدّاك السن . وحول ما إن كان لاقى اعتراضا من طرف والديه في الصغر بخصوص ولوجه عالم الفن،وضح ولد قدور: فعلا منعني والدي،وكسر آلتي،بل وصل الأمر إلى حد الضرب». وعن أغنيته الشهيرة والجميلة أيضا «لغزال»، كشف شيخ العيطة ولد قدور،أن «هذه الأغنية حفظتها عن والدي رحمه الله،. فوالدتي توفيت وعمري ثلاث سنوات.وبحكم أني مازلت صغيرا، كنت أنام رفقة والدي، ولكي أكف عن البكاء ككل الأطفال في تلك السن، كان يروي لي هذا «الكلام»حتى أنام .وبدوري، أدخلت على الكلام تحسينات وأديته لما كبرت،. تقول الأغنية فيما تقول: «أجي نسولو الرامي على لغزال،كيف جرى فيها حتى بْقَت دارة،نهار طاحت لو وشربت من لجبال ،هودت لبحيرة ، صابت لشياخ مازالو،عندها صاينة وجعاب وصال ، زنادات متقولشي لا لا،أنا فعارك أبويا رحال ،يالفارز الجيفة من لحلال ،تقوي الوحش مع لغزال،كلها يروح لغزالو،قالت الدامي للرامي،عوز لك شهادة،مال ولدي باقي مطرود،أول با هي حتى لجدود،شوفو ها الزين منقود ،ما ولداتو ولادة ،يا الرمى مقصحكم بكبود ،أنت تابعني وأنا خايفة نتأذى،ياك ولدي حاجب السلطان تابعاه الكادة ،ياك ولدي مايتوه فبلاد لحدود،ياك ولدي فوق من راسو جوج بنود،ياك أنا فنشية ماشي منكادة،صورة الخلاق الموجود،منحمم السور العود،ما نا مفرادة ،منسمك الهدمة يعود ماندير دواح ليهود،مانمشط بمشطة العود ،ماندير قلادة،ياك لخطوط هما لخدود، والعنق مجرد مجبود، والعينين بالدوام مصرادة،هاكو قلبي ديوه لحدادة، دار الكرسي ودار لمخايط والشفار زنادة، ودار الجعبة تضرب ف الكود وضربة شدادة،هاكا سلامي ديوه للصيادة،را النزاهة حس البارود،الدنيا لهوا بهواها مادومشي أبدا، كيف غدرت قوم النمرو،د ولحم لغزال ماياكلوش من والى، من غير الناس الختالة «هكذا كان يؤدي لي والدي قصة «لغزالة» ويشرح ولد قدور أن «جل الأغاني التراثية وجدتها وحفظتها و»صاوبتها بحلقي «سواء العلوة أو لغزال أو غيرهما ومنها أيضا قصيدة حول العيد وهي قصة اجتماعية يقول فيها» «تصنتو لي ياحضار، نعاود لكم ما صار، مع مولات الدار فقصة الضحية،ملي قرب العيد كل نهار خصام جديد، مكان نجي ونزيد من دابا لعشية،خصو يجيني في الحين، ويكون فعمرو ثْلثْ سنين بلْقلِّية عامين وصوفتو ملوية،يكون وجهو صردي، ويركب عليها ولدي ومقعبتو مكدي وشحمتو مطوية،نعمل فيها كرداس نعلقو قدام الناس، لحم ويخرج مسناس وحدة تكفي فيا،لْفّاد يكون متين نشويو فيه يُومين نعملو به الطاجين والضلعة مشوية،على الراس نكسكس ونحمر لمغرس وخا نعض ونفرس زردة مرضية،يكونو لقرون كبار يسدو باب الدار نفتخرو على الجار ونروحو لمزية،لودنين غزالات والديالة دْلاّت وصوفتو درعية،يكون منقود وكبير مترو ونص ف التقدير، لله يجيب التيسير، خرج جيبو فدغية ،قلت لها يالمرا ،حقَّ هذي غمرة، ضرك مايبرا، عشرتك خطية،بزطامي فيه النفض ديما بلاك معرض متخمْميش ليا ،وتمشاي على قدرك وعملي حساب ولادك والخدمة ماعندك والحالة مشفية،احنا عا مساكين أولادنا عريانين فالعيشة، مغبونين يضحيو الأغنياء،يضحيو أصحاب المال والديور علْ لشكال مال فلوسهم قلال معليهم لْزمية،وديري معايا لعقل،را العصر تبدل،والمغرب استقل نعيشو ف الحرية،أش خصنا بقديد را يكرم ويولي وكيد ،مبقيناش عبيد هديك هي الدنيا،وتمشاي على الاقتصاد وباركا من لجحاد تعالي نقريو لولاد للأيام الآتية،أحمد يخرج طبيب وعباس يخرج كاتب ويدخل لقليمية،عيسى يخرج بوليس وعبدالله مهندس مصطفى رئيس القيادة العليا،زهرة بنتك تصلح تشد شهادة تنجح طامو والسعدية،هادو سبع وليدات ثلاثة منهم بنات خصنا لهم شكارات وكتب مدرسية ،الزمان بغا لعوين نعملو كيف لخرين على العيشة متحانين شوفي النصرانية،النصرانية تخدم راجلها مايندم كاع يشاركو ف الهم عيشة مْستوية،والنصرانية تمشي البيسري والمارشي كلها تجيب منو شي كبيرة اقتصادية ،وانت خلاك باك بلا صنعة ما قراك أيام مشات معك فعيشة زغبية،وخليني نتهنى را بقات عندي غير سنة دابا ربي يرزقنا ،خصنا الصلاة بعدا هي ولابْدا، اللي ماصلى غدا يسكن ف الهاوية، والصلاة عمود الدين صحابها فائزين فالجنة مرضيين وقصور عالية،قالت لي يا لحمق أنت غير كتخربق الحولي منو مانخلق جيبو ليا «. هذه الأغنية من كلمات ولد قربال المدكوري الذي كان ينظم الشعر ويبيعه في «كناش»واشتريته منه وحفظته لقد اشتريته يقول ولد قدور ب «10ريالات»، وقد سجلت هذه الأغنية لدى «الساخي ديسك» التي تزامنت مع عيد الأضحى، وقد نفدت من السوق. لكن بالمقابل هناك كلام ارتجالي عرفت به ،عن ذلك يقول،ذلك يأتي وليد اللحظة مثل «زم فمك الله يرحم امك، الحبس ولبرودة يشيبو لقرودة»، وغيرها، «،وكان أحد الأشخاص تطوع لكي أغسل يدي لتناول وجبة الطعام،فقلت له «قولو لهداك الباسل راني غاسل» وعن علاقته الآن بالغناء، ( هذا اللقاء كانت سنة 2018) يقول «عييت شديت لرض»،وعن رأيه في الخلَف،يقول هناك القليل ممن يتقنونه ويحافظون على التراث ،والكلام الذي نسمعه الآن غير عميق وغير هادف وليس له معنى في مجمله،كما أن الجيل الجديد، القليل منه من يتذوق هذا النمط الغنائي،بخلاف الماضي، حيث كان الناس ذواقة،وأتذكر أنني ذهبت إلى حفل بقبيلة بني مسكين إقليم سطات، وكنت أتوسط مجموعة من الناس تقدر بألف شخص تقريبا «يفرشو لي لعبانة ولمساند»،والكل يستمع إليك باهتمام «واحد يكب لي فهداك»وشخص مكلف ب «لامبة»ولا تسمع أي ضجيج ، لكن للأسف هذا الأمر ليس قائما الآن. وعما إذا كان راضيا على الدولة والمجتمع، وتم تكريمه بما يليق ببذله وعطائه، نظرا لما قدمه من خدمات للفن الشعبي وللعيطة بشكل عام،يقول رحمه الله ضاحكا بتعفف الفنانين الكبار، وأنفة أبناء امزاب والشاوية،أكتفي بالقول’الله يهديهم علينا، دفعو معنا ديو حسنة”.