آخر خبرمقال اليوم

رئيس إسرائيل في الإمارات…ماذا عن المحور الآخر؟

نادين الشيخ-الخليج:

بدأ الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ اليوم زيارة رسمية هي الأولى من نوعها الى دولة الامارات العربية المتحدة بدعوة من ولي العهد نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد. وكالعادة في هكذا تحوّلات مفصلية، ينقسم الرأي العام العربي بين مُعبّر عن صدمة حيال هذا الانفتاح السريع، وبين مؤيد على أساس أن الحروب والصراع لم يُنتجا طيلة 70 عاما أي نتائج فعلية لحماية فلسطين وأهلها. أما على الصعيد الرسمي العربي والإقليمي فيبدو أن الضوء الأخضر لكل هذا موجود وذلك بسبب المصالح الاقتصادية والتجارية الكبيرة، ولذلك فالتصريحات الرسمية العلنية شيء وما يجري في الظل شيء آخر.

هذه الزيارة التي وصفها الرئيس الإسرائيلي ب ” التاريخية”، تأتي بعد عدد من التطورات كان أولها: القصف الذي تعرّضت له الإمارات مؤخرا من قبل جماعة ” أنصار الله الحوثيين” في اليمن، حيث تناقضت التحليلات بين قائل بأنهم ما كانوا قادرين على القيام بذلك لولا ضوء أخضر إيراني، ومؤكد أنهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم خصوصا أن أبو ظبي وطهران فتحتا صفحة جديدة في علاقاتهما في نهاية العام المنصرم وحصل تبادل زيارات مُهم ولافت على المستويين السياسي والأمني. والتطور الثاني هو تجدّد انخراط الإمارات عسكريا في اليمن بوتيرة قتالية أعلى وذلك بعد ان كادت منطقة مأرب تسقط بيد الحوثيين.

قال الرئيس الإسرائيلي قبيل توجهه الى أبو ظبي:” نشعر بالغبطة لأننا نصنع التاريخ هذا الصباح. أسافر الآن مع زوجتي ميخال لزيارة تاريخية للإمارات. تحمل هذه الزيارة بشرى السلام بين الشعوب ولعموم الشرق الأوسط. أتقدم بالشكر الجزيل لولي العهد، سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على دعوته التي أعتبرها فرصة لتحوّل تاريخي” وأضاف في تغريدة أخرى ( وباللغات العربية والعبرية والإنكليزية)  بعد وصوله :” نبدأ اليوم أول زيارة لرئيس دولة إسرائيل لدولة الإمارات العربية المتحدة. تأثرنا كثيرا بحفاوة الاستقبال في أبو ظبي مع معالي وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان”

من جهتها أشارت صحيفة هآرتس في عددها الصادر اليوم وكذلك وسائل اعلام عالمية الى أن طائرة هرتزوغ حلّقت فوق السعودية وقال قائدها للركّاب: “نحن الآن فوق المملكة العربية السعودية. نحن نصنع التاريخ! سنطير قريبا فوق العاصمة”، فيما دخل الرئيس قمرة القيادة، ونظر إلى الأراضي السعودية، وقال: “بدون شك. إنها حقا لحظة مؤثرة للغاية”.

 يُشار الى أنه منذ 15 أيلول/سبتمبر 2020 تاريخ توقيع علاقات السلام رسميا بين إسرائيل والامارات، جرى ابرام عدد من الاتفاقات التجارية والعسكرية والأمنية ولوحظ ارتفاع في عدد الشركات الإسرائيلية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني والتكنولوجيا الزراعية والمالية إضافة الى السياحة والطيران، وزار اكثر من 250 ألف إسرائيلي الإمارات.   

كان وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري قد قال خلال حلقة نقاش عقدها المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة فكرية أمريكية،  بعد مرور عام على ما سُميّت ب  “اتفاقات أبراها”: “لقد تبادلنا السفراء، ووقعنا أكثر من 60 مذكرة تفاهم. لدينا 600-700 مليون من التجارة الثنائية قائمة، ولدينا أموال بمليارات الدولارات تم الإعلان عنها ونحن نتطلع إلى خلق أكثر من تريليون دولار من النشاط الاقتصادي على مدى العقد المقبل

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أعلن وقوف إسرائيل الى جانب الامارات ضد الهجمات الحوثية التي ربطها بإيران وأعرب عن استعداد حكومته لتقديم مساعدات عسكرية عاليا، ويقول رئيس شركة ” سكاي لوك” الإسرائيلية لأنظمة الدفاع بأن أبو ظبي طلبت دعما عاجلا بعد الهجوم الحوثي، ومن المنتظر ان تزيد إسرائيل بيع الامارات منظومات صاروخية دفاعية لتعزيز القبة الحديدة وتقنيات ورادارات كشف الطائرات المسيّرة، وتقول صحيفة ” يسرائيل هيوم” ان تل أبيب مستمرة في العمل على تعميق التحالف الأمني واطلاق مشاريع مشتركة للابتكارات الأمنية، نافية تحفّظ الدولة العبرية عن تزويد الامارات بطائرات اف 35 .

يُشار الى أن أبو ظبي كانت اشترت من فرنسا في خلال زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون 28 طائرة رافال و12 مروحية من طراز كاراكال ، ووصل حجم الصفقة الى أكثر من 17 مليار يورو.

يقول المحلّلون في إسرائيل والامارات، ان لهذا التعاون أبعادا مستقبلية، ذلك ان إسرائيل تخشى وصول صواريخ الحوثيين اليها بتقنيات تزداد شهرا بعد آخر، ويجمعها مع الامارات خطر الدور الإيراني حاليا ومستقبلا، وهي تسعى منذ فترة طويلة للحدث من هذا الدور، ويجمعها حاليا مع أبو ظبي القلق من الضبابية الأميركية حيال طهران.

لكن بالمقابل فان مسؤولين إيرانيين ذكروا غير مرة ان هذا التعاون العسكري خطير على دول الخليج والمنطقة، ويقول محلّلون ان ارتفاع القدرات التكنولوجية وأسلحة الطيران لا يخفي الخلل الكبير في البنية الجغرافية والديمغرافية بين الامارات وإيران لو وقعت أي حرب بين الطرفين.

ماذا عن المحور؟

أما بشأن السؤال عن موقف دول المحور ” المقاومة والممانعة ” بقيادة إيران من توسيع العلاقات الإسرائيلية الإماراتية، فيقول مسؤول خليجي لموقع ” لعبة الأمم”: إن الامارات تسعى منذ فترة طويلة الى تنويع علاقاتها الخارجية حتى ولو انها تضع بعين الحسبان دائما الخطر الإيراني. وخلال الأشهر الثمانية الماضية، احتلت الامارات مركز المصدّر الأول الى إيران بقيمة 10.1 مليار دولار، وتعتبر الامارات رابع مستورد عالمي للصادرات الإيرانية غير النفطية بما يصل الى نحو 3 مليارات دولار.

كان الشيخ طحنون بن زياد  مستشار الأمن الوطني الاماراتي قد زار طهران في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بعد زيارة إيرانية مماثلة الى أبو ظبي وذلك بغية تخفيض وتيرة التوتر الخليجي الإيراني، وقال وزير الدولة الاماراتي السابق للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حينه :” إن الامارات اتخذت خطوات لتهدئة التوترات مع ايران، حيث لا مصلحة لنا بالمواجهة ” ، كما ان أبو ظبي  كانت ورغم التطبيع مع إسرائيل أرسلت وفدا رفيعا برئاسة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش لتهنئة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بانتخابه، ونُقل عن رئيسي كلاما لافتا حول الحرص على تطوير العلاقة مع الجارة الإماراتية.  مع الإشارة الى أن أبو ظبي لم تقطع علاقاتها مع إيران حين قُطعت بين السعودية وطهران في اعقاب اعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر وانما اكتفت باستدعاء سفيرها وتخفيض مستوى العلاقات، رغم ان الامارات تُعتبر الأكثر تضرّرا وذلك لاتهامها الدائم طهران بأنها تحتل ثلاث من جزرها هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وهي الجزر التي ترفض إيران الحديث عنها على اعتبار انها ملكها بوثائق موقّعة تاريخيا”.

كذلك الأمر بالنسبة لطرف الثاني في المحور أي سوريا، ذلك ان الامارات كانت قد أعادت العلاقات الدبلوماسية كاملة معها وهي تنخرط حاليا في مشاريع مساعدات وربما إعادة الاعمار بعد إيجاد حل لعقوبات قيصر.وحصلت عودة العلاقات قبيل التطبيع وزيارة وزير الخارجية الاماراتي بعدها، ولذلك لم يصدر عن دمشق الا موقف خجول عبّرت عنه آنذاك المستشارة الرئاسية بثينة شعبان

 أما على المستوى الدولي فلا شك أن علاقات الامارات بإسرائيل تساهم في تعزيز صورة الامارات في الولايات المتحدة الأميركية، ناهيك عن علاقاتها التي تطورت كثيرا مع روسيا الساعية لتوسيع مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، وكذلك مع الصين ذات العلاقات المتقدّمة جدا مع إسرائيل في مختلف المجالات بما فيها التكنولوجيا العالية.

تبقى مشكلة حزب الله، وهي ما تركّز عليه دول الخليج في علاقاتها مع لبنان، بحيث تستمر في السعي مع السعودية ودول أخرى لتطويقه ليس فقط بسبب اتهامه بالهيمنة على السلطة في لبنان وعمليات التهريب، ولكن أيضا بسبب دعمه المُباشر للحوثيين، وتأييده للهجمات على الامارات.

في غزّة أصدرت ” لجان المقاومة” بيانا قالت فيه:”   إن زيارة هرتزوغ “طعنة للشعب الفلسطيني ولتاريخ الأمة المجيد وشرعنة وتشجيع للاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وإن الاحتلال يستغل هذه الزيارات التطبيعية لنيل الشرعية لاغتصابه الظالم لأرض فلسطين، داعيةً الشعوب العربية والاسلامية لاعلاء صوتها الرافض للتطبيع الذي يمثل خيانة للقضية الفلسطينية وللقدس والمسجد الأقصى”.

يقول مسؤول خليجي تعليقا على بيانات الرفض: ” لم تغير دول الخليج مواقفها من القضية الفلسطينية وانما تريد التعبير عن طريقة جديدة لمساعدة الفلسطينيين، وقد كنّا واضحين في البيان الختامي للقمة الخليجية الأخيرة بقولنا : “إن المجلس الأعلى أكد على مواقفه الثابتة من مركزية القضية الفلسطينية، ودعمه لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، مؤكداً ضرورة تفعيل جهود المجتمع الدولي لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفق تلك الأسس”.  مضيفا :”هذا موقف ثابت، أما الوصول اليه فيحتاج على الأرجح الى سبلٍ أخرى غير التي جُرّبت”. ويختم :” أما الاعتراضات على هكذا علاقات وزيارات فهي تبقى كلامية والدليل أننا لم نشهد قطع أي دولة من دول المحور الايراني قطع علاقاتها مع الامارات بل بالعكس ان العلاقات تتعزّز أكثر “. 

أما السؤال الحالي بعد الزيارة: هل يتغيّر شيء عسكريا على أرض اليمن؟

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button