الجزائر قامت بواجبها..الباقي على العرب
الجزائر قامت بواجبها..الباقي على العرب
نور الدين علواش
الجزائر منذ أشهر عديدة، في التحضير لعقد قمة عربية أرادت لها أن تكون استثنائية بكل المقاييس، في ظل الظرف الدولي و الاقليمي المتشنج، الذي أثرت إرتداداته بشكل مباشر على الدول العربية، حيث راح وزير الخارجية رمطان لعمامرة يباشر سلسلة خرجات مكوكية لعواصم الدول العربية، سعيا منه إلى شرح وجهة نظر الجزائر لهذا الموعد الحاسم ورغبة في تقريب وجهات النظر حول القضايا الخلافية التي يمكن أن تؤثر على مخرجات الموعد الذي أكد حوله رئيس الجمهورية بأن الجزائر تريده موعدا للم الشمل والانطلاق في تفعيل العمل العربي المشترك، و الانتصار للقضية الفلسطينية التي تعتبر في نظر الجميع قضية العرب المركزية.
في هذا الإطار.. حققت الجزائر أسابيع قبل القمة، ما عجز عنه الكثير، أين شهد العالم أجمع، توقيع الفصائل الفلسطينية على أرض الثوار “إعلان الجزائر “المنبثق عن مؤتمر لم الشمل ، واضعين جانبا خلافاتهم العميقة التي قسمت ظهر القضية الفلسطينية لأكثر من عقد من الزمن، أين سيشارك هؤلاء في أشغال القمة كالجسد الواحد للدفاع عن الشعب الفلسطيني و مقدساته وعلى أرضه الطاهرة، وبذلك يكونون قد أغلقوا بابا واسعا كان مشجبا تعلق عليه بعض الأطراف تخلفها عن نصرة القضية الفلسطينية بقولها أنه لا يمكنها المشي بخطوات متسارعة في هذا الإتجاه، أمام الانقسام الفلسطيني وتعدد انتماءات كل فصيل و اختلاف أهدافه.
اختارت الجزائر الفاتح والثاني من نوفمبر الداخل موعدا للقمة، لما يحمله هذا التاريخ من رمزية كبيرة لدى الجزائريين والعرب كذلك، وراح الرئيس يكلف وزرائه بارسال دعوات المشاركة لكل الرؤساء والملوك والأمراء المعنيين بالموعد، والذين بدورهم رحبوا بمساعي الجزائر و حرصها على لم شتات العرب، وأشادوا بتوفير كل الظروف المادية والبشرية لانجاح الموعد العربي.
عقارب الساعة تجري متسارعة نحو تاريخ الحدث الذي لا يفصلنا عنه سوى أيام قليلة فقط بل ساعات، فحسب البرنامج المسطر للقمة، فقد انطلقت بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” بالجزائر العاصمة، أولى الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ 31، استهلت باجتماع المندوبين الدائمين وكبار المسؤولين للإعداد لاجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة، فيما سيلتئم اجتماع كبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة،وسيشهد يوم 28 أكتوبر، اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، ثم اجتماع وزراء الخارجية يومي 29 و30 من الشهر نفسه، وذلك قبيل انعقاد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة يومي الفاتح والثاني نوفمبر .
وتأتي القضية الفلسطينية في صدارة جدول أعمال اجتماعات القمة التي سيتم مناقشتها، اضافة إلى ملفات أخرى كالأمن الغذائي والطاقة، كما من المقرر أن تبحث القمة في عدد من مشاريع القرارات التي تعكس إرادة عربية مجددة بهدف تحقيق الاستقرار والتنمية للشعوب العربية.
وأبرزت الجزائر جاهزيتها لعقد القمة العربية والعمل على إنجاح ملفات أخرى كالتنمية والتعاون والأمن والاقتصاد، فضلا عن التأكيد على ضرورة ربط الأمن القومي العربي بإقامة دولة فلسطينية، وإعادة ربط هذا المسار بالسياسة العربية، خاصة أن الحدث فرصة لتوحيد المواقف وتقاسم وجهات النظر وتقريبها والاستثمار في نقاط التقاطع والقواسم المشتركة.
ويحسب للجزائر أنها ستحتضن أول قمة عربية “دون ورق”، حيث أن التاريخ سيسجل أن قمة الجزائر 2022 هي أول قمة لا ورقية للجامعة العربية، لتكون بذلك قد وفرت كل ظروف النجاح والخروج بقرارات تاريخية تخدم الشعوب العربية في ظل أوضاع عالمية متقلبة،، واضعة الكرة اليوم بين أرجل القادة العرب ، فإذا هم غلبوا المصالحة العامة لشعوبهم وإبتعدوا عن القضايا الخلافية، أمطرو القمة بمخرجات استراتيجية تشرفهم وتشرف العرب، وإذا كان العكس رموا تلك الكرة خارج ملعب القمة، ليرفع “حكم التاريخ” صافرته، معلنا تغليبهم مصالحهم الخاصة ولم يقفوا وقفة جدية في ظرف توجب على الحكماء الوقوف كالجبال ضد زوابع المؤامرات التي تخطط منذ الأزل ضد توحد العرب، علما منها أن في توحدهم قوة جرارة، تجر العالم العربي بخيراته المتنوعة، من براثن التخلف والتبعية ، إلى عوالم التقدم والازدهار.
المقال نُشر في صحيفة ” الحوار” الجزائرية