اليمن بقلم فيصل جلّول وعيني علي سالم البيض
لعبة الأمم- القسم الثقافي
ليس مفاجئًا ولا جديدًا أن يغوص الكاتب والباحث اللُبناني فيصل جلّول في تاريخ وحاضر اليمن ليُتحفَنا بمجموعةٍ من الوثائق والأسرار التي لا شكّ في أنها تُضيء الكثير من الجواب الغامضة التي لفّت تاريخ اليمن الحديث. فهو وعلى جريّ عادته منذ أكثر من ثلاثين عامًا، يقدّم للمكتبات العربية اليوم مؤلّفَه الجديد بعنوان :” غيضٌ من فيضِ يمنيّات علي سالم البيض”، الصادر عن دار “زمكان” في بيروت. وهو كتابٌ يُكمل سلسلةَ مؤلّفاته السابقة والغنيّة بالوثائق والتحليل والاسرار حول اليمن الذي أحبّه وعاشه في ربوعه ودافع عنه في كلّ ما كتب.
وبعد كتابه القيّم الأخير حول الزعيم الاشتراكي جارالله عُمر الذي قتلته يدُ التخلّف وهو يخطب على منبر حزب الاصلاح، يُرينا جلّول هذه المرّة، اليمن بعيني ذاك الزعيم الجنوبي، الذي تولّى الامانة العامة للحزب الاشتراكيّ في الجنوب، وكذلك منصب نائب رئيس دولة الوحدة التي قُتلَ فيها الحلُم قبل أن يبدأ، لأن أيّ وحدة لا تستقيم ولا تستمرّ بلا قناعة جديّة من كل الاطراف ومن دون إيمانٍ عميق بأنَّ ما بعد التوحيد أفضل مما سبق.
يبدو من التسريبات الأولى للكتاب الذي سنعرض لتفاصيلَه لاحقًا، أنه يزخرُ فعلاً بالأسرار والوثائق، فنقرأ مثلا كيف أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد :” أنقذ اليمن من حرب دولية شبيهه بحرب العراق وذلك عندما اندلعت حرب العام 1994 وخطّط اليمنيون لانزالٍ عسكري خلف الحدود السعودية كي تخفّف المملكة تأييدها للاشتراكيين، وحينها حذّر الأسد، الوفدّ اليمني الذي زاره لهذه الغاية من مغبّة عملٍ كهذا، مُعتبرًا أنّه يُمكن أن يؤدي إلى اجتياح دوليّ لليمن شبيه باجتياح العراق فامتنعوا”
ومن الاسرار أيضا كيف :” استدرك الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مجزرةً كادت تقع في دار الرئاسة في صنعاء بين حراس علي سالم البيض و الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح” حدث ذلك “في العام 1993، وذلك حين وصلت العلاقة بين البيض وصالح الى درحجة عالية من التازّم بسبب موجة الاغتيالات التي طالت اشتراكيّين ويساريّين في اليمن وبسبب ما ذكره البيض حول وسائل تنصت زُرعت في منزله وقد بلغ التوتر ذروته حتّى وصل الى دار الرئاسة حيث تقع مكاتب الرئيس صالح ونائبه نائبه البيض “
وصل الامر الى حدّ تبادل الاستنفار بين حرس الرجلين، وكادت مجزرة تقع في رأس السلطة لولا تدخُّل ياسر عرفات الذي جاء على عجل الى حيث الاستنفار وصفع الجنود المستنفرين صارخًا في وجوههم”بتعمل ايه انت وهو. احنا ناقصين دم. يا لله امش من هنا انت وهو. هذا السلاح من اجل فلسطين وليس للقتال بين الاخوة”.
يقول فيصل جلّول :” هذه العبارات او ما يشبهها استخدمها ياسر عرفات خلال توبيخه حرس البيض وصالح، استحضرها من الذاكرة بعد ان رواها لي في حينه السفير الفلسطيني في صنعاء.”
لا شكّ مُطلقًا، في أن الكتاب غنيّ ومُمتع، ويفتح نافذة ضروريّة على التاريخ اليمنيّ الحديث، لفهم ما حصل ويحصل. وهو متوفّر في المكتبات والمعارض، وايضًا عبر المتاجر الالكترونية.