سامي كليب:
أن تتحرّك المياهُ الطائفية قليلاً بعد استقرارها جاثمةً على صدور الناس منذ ولادة لُبنان، فهذا بحدّ ذاته شيء من أعاجيب الزمن، وأن يُحقّق أهل الحراك المدني اختراقات ملحوظة بفوز بعض مرشّحيهم في مناطق مُعيّنة وهزّ عروش في مناطق أخرى، فهذا أيضا من العجائب التي تُفرح القلبَ خصوصا إذا ما استمرّ نوّاب الحراك على طريق تنفيذ وعودهم ولم ينحازوا لاحقا الى هذا الطرف أو ذاك بسبب إغراءات أو مصالح.
حافظت بعضُ المحادل والأوزان والأحزاب والعائلات الكُبرى على مُعظم مواقِعها بفضل التعبئة الطائفية أو التخويف من الآخر، لكنها جاهدت بكل ما أوتيت من قوّة لذلك، ومنها مَن لم يَنَم طيلة الليل بانتظار النتائج وسط قلقٍ كبير، ليس من خصمٍ طائفي أيضا، أو مذهبي أيضاً، أو مُرتبطٍ بمحاور خارجية أيضاً، وإنما من تحرّك المياه الراكدة وسط جيل الشباب.
لَعِب المالُ الانتخابي أدورا كُبرى في تغيير وتعديل بعض الآراء ( وربما ستُفضح قريبا بعض الماكينات وكيفية حصولها على المال المشبوه وتوزيعه)، لكن المال خذل أيضا أولئك الذين راحوا يغالون بأوزانهم، ويتحدثون بتعالٍ مُقزّز على الشاشات، ويرفعون شعارات غريبة عجيبة لا تُشبه تاريخهم ولا صفقاتهم، فكانت النتيجة أنهم خسروا المال والمقاعد وخرجوا بنتائج شبه هزيلة.
في النتائج الكُبرى نجد أن : الثنائي الشيعي بقي قوة ملحوظة ولم يشهد اختراقات كبيرة في البيئة الشيعية بعدما رفع شعار الحفاظ على البيئة ومنع ” التآمر الداخلي والخارجي عليها” لكن الاختراقات القليلة كانت رمزية وتبيّن أيضا ان وزنه خارج بيئته بحاجة الى مراجعة جدّية لخطأ الخطاب والممارسة، والتيار الوطني الحُر بقيادة رئيسه جبران باسيل تنفّس الصُعداء واطمأن كثيرا، بعد قلق، الى العمق المسيحي، لكنه دخل الآن في احتقان كبير مع القوات اللبنانية التي يتقاسم معها القسم الأكبر من العمق المسيحي بما يُشبه المناصفة، بينما القوات لم تحصد بقدر ما توقّعت رغم انها وضعت نفسها في اطار المُعارضة لنظام كانت تعتقد انه انتهى ، والتيّار الجنبلاطي حافظ على عمقه الدُرزي بعد استنهاض العمائم، لكنه بحاجة الى مُراجعة داخلية دقيقة لتشكيل بيئة شبابية جديدة حول تيمور جنبلاط ذلك ان الخاسرين حصلوا على نسبة اصوات عالية، والحراك المدني أثبت حضورا لافتا في الجبل ( وكان يُمكن ان يحصد أكثر لو توحّد ولم تحصل مؤامرات داخل لوائحه من بعض أهلها ، وربما لنا عودة الى ذلك قريبا)، و” التيار الحريري” وقف ساخرا من محاولة اختراقه سُنيّاً وشهد ترنّح من وصفهم ب ” الخونة” من بيته السابق أو في بيئته السُنيّة لكنه يحتاج الى جهد كبير في المرحلة المُقبلة مع السعودية من جهة ولكن أيضا في البيئة الداخلية كي يعيد تجميع الأوراق قبل تناثرها … الخ.
كل هذا مُهم، ولكن:
ما تقدّم يُدخلُ لُبنان، الى احتمالين:
بعض التغيير في بلد ” التعتير” كان جيدا ومهماً ولافتاً، لكن الأهم الآن أن يُحافظ من رَفع شعار التغيير على شعاراته، ذلك أن نجاح كتلة تغييرية تحت قبة البرلمان وتحت سقف الوطن، والاستقلال عن المحاور الخارجية والمال الخارجي والقرارات الخارجية، والعمل لمصلحة الناس والوطن قبل كل شيء، والزود عن هذا الوطن في الداخل وحتى الحدود، سيُمهّد لبرلمانات أفضل في المستقبل ويوسّع دائرة الأمل أكثر لو صدق التغييريون وثبتوا.
وبعض التغيير في بلد ” التعتير” يفرِضُ على القوى الكُبرى بعض التواضع والتفاهم كي لا يُدمّر ما بقي من هذا الوطن. فالناس الذين ملّوا الشعارات الفارغة حتى في الحملة الانتخابية، سيسألون ابتداء من اليوم عن سعر الدولار، وثمن ربطة الخبز، ومن أين سيأتون بالمازوت والدواء والرواتب في آخر الصيف ومن سيُعيد اليهم أموالهم المنهوبة. هنا تبدأ المعركة الحقيقية. ومن هنا قد تنطلق ثورة أشمل وأوسع واكثر فعالية ما لم توجد حلول أو على الاقل بداية حلول. وقد لا يستطيع حينها حتى النواب الجدد الخروج من منازلهم. تذكّروا هذا الكلام.
سامي كليب: كتب عالِم النفس الشهير سيغموند فرويد منذ عقودٍ طويلة : " إن الإنسانَ…
Le système métrique et le pied du roi ! Nadine Sayegh-Paris Combien de mesures, de…
Et si le cœur n’était pas vraiment un cœur ! Nadine Sayegh-Paris Comme tout le monde…
ديانا غرز الدين سؤال غريب ، من يصنع من؟ هل الواقع يصنعنا ام نحن نصنعه؟…
روزيت الفار-عمّان أنطونيو غرامشي الذي تأثر به كثيرون ومنهم المفكّر إدوارد سعيد؟ كيف يمكننا إسقاط…
حيدر حيدورة-الجزائر في ظل ازمة حادة تعرفها العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تشهدها منذ الاستقلال حتى…