هذه مخاطر عدم إطفاء الأنوار قبل النوم

محمد مكتبي

النوم لا يداوي ، لأن الحياة تغدو أكثر إيلاماً عندما نستيقظ ” _فرناندو بيسوا . 

في الواقع ربما النوم لا يداوي ، و الحياة تبدو مؤلمة و صعبة بسبب الظروف التي يمر بها العالم خصوصا عالمنا العربي للأسف . لكن يمكن للنوم أنا يكون سببا رئيسا للأمراض في حالة نومنا من دون إطفاء الأضواء . 

من مصابيح الشوارع خارج غرف نومنا إلى المصابيح والأجهزة بالداخل، أصبح النوم مع قدر من الضوء طريقة حياة الكثيرين. تشير الأبحاث والدراسات الحديثة الى أن هذه الممارسة تؤثر على التمثيل الغذائي وصحة القلب والأوعية الدموية حتى في زيادة الوزن أيضا. 

نشرت الاكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية PNAS دراسة، أجرى فيها الباحثون في جامعة نورث وسترن بحوثا على مجموعتين من ١٠ شباب يرتدون أجهزة لمراقبة القلب ليلا وينامون في غرف مضاءة بشكل مختلف. المجموعة الأولى نامت في غرفة ذات إضاءة خافتة لمدة ليلتين، بينما أمضت المجموعة الثانية ليلة في غرفة ذات ضوء خافت وأخرى في غرفة ذات إضاءة معتدلة. 

حصلت المجموعتان على نفس القدر من النوم، واستجابة بشكل جيد للأنسولين في الليلة الأولى عند نومهم في إضاءة خافتة. أما في الليلة الثانية، فلم تستجب المجموعة الثانية التي كانت تنام في إضاءة أكثر إشراقا للأنسولين الذي ارتفع بنحو ١٥ بالمئة مقابل انخفاضه بنحو ٤ بالمئة للمجموعة الأولى.

 استنتج الباحثون   أن الضوء ينشط الجهاز العصبي الودي ، والذي عادة ما يهيمن على وظائف الجسم أثناء النهار .قالت مؤلفة الدراسة الدكتورة فيليس زي: ” إن الأشخاص الذين يحتاجون إلى إبقاء الأنوار، مثل المسنين لعدم التعثر يجب أن يستخدموا أنوارًا خافتة بالقرب من مستوى الأرض “.أضافت: ” تظهر هذه الدراسة أن التعرض للإضاءة أثناء النوم يمكن أن يضعف مستوى الغلوكوز ونبضات القلب المنتظمة والأوعية الدموية في الجسم، وهذا ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري ومتلازمة التمثيل الغذائي “.

عام ٢٠١٩، حذرت دراسة يابانية من أن ترك ضوء في الغرفة أثناء النوم يزيد من خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والسكتة الدماغية. وجد الباحثون أن تعرض الجفون للضوء أثناء النوم يقلل من إنتاج هرمون الميلاتونين بالجسم أثناء الليل و الذي يساعد على النوم لساعات أطول و يعمل على تخفيض ضغط الدم و مستويات الغلوكوز و درجة حرارة الجسم أثناء النوم. قال المشرف على الدراسة كينجي أوبياشي: ” وجدنا ارتباطا واضحا بين النوم في الضوء وتصلب الشرايين الذي يأتي مستقلا عن أسبابه المعروفة كالتدخين و السمنة و ارتفاع ضغط الدم و السكري ” .

كما تشير دراسة نشرتها مجلة ” جاما للطب الباطني ” الى أن النوم أمام التلفاز قد يؤدي الى الإصابة بزيادة الوزن. وكذلك أفادت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن نتائج دراسة أجريت على حوالي 44 ألف امرأة تتمتعن بصحة جيدة وتتركن المصابيح مضاءة أو التلفزيون يعمل ، حاول الخبراء معرفة إن كانت هذه العينة من النساء تخلدن في هذه الشروط ، وسرعان ما لاحظوا  الخبراء أن اللواتي نِمنَ الذين أمام أضواء في المنزل يعانين من ارتفاع الوزن بالمقارنة مع اللواتي أطفأن الضوء. وقال  د. ديل ساندلر المشارك في هذه الدراسة إن :  ” الحصول على ليلة نوم جيدة مهم للغاية للصحة . الشيء البسيط الذي يمكن للناس القيام به من أجل الحد من خطر السمنة هو إطفاء الأنوار قبل الخلود للنوم .”

كي لا تتحول نعمة النوم إلى نقمة تسبب لنا مشاكل صحية و نفسية على المدى البعيد ، لنطفئ الأضواء ليلا و التلفاز و نخلد إلى نوم هانئ و أحلام سعيدة فنستيقظ مُفعمين بروح الأمل و التفاؤل بكل ما هو قادم .