ملكة جمال فرنسا: لن يأخذ رجلٌ قلبي
ميراي حدّاد- باريس
برغم عراقة عمل ” الباباراتزي” أو المصورين والصحافيين الذين يتلصصون عنوة على حياة المشاهير في فرنسا، الاّ أن هذه البلاد بدأت منذ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي تغرق بالشائعات من كل حَدَب وصوب. الأمر الذي يجعل علماء الاجتماع والاعلام والنفس في الجامعات الفرنسية ينكبّون منذ فترة على دراسة تطور هذه الظاهرة ومخاطرها على المجتمع في ظل حرية الصحافة الكبيرة التي لا شك تحدّها القوانين منذ زمن طويل في وطن تقديس الحريات، لكنها تتفلت كثيرا في ظل ثورة الانترنيت.
واذا كان يُقال في علم الاجتماع والاعلام :إن الشائعة تبقى راسخة أكثر من تكذيبها، فهذا يصح اليوم أكثر من أي وقت مضى، أكان الأمر متعلقاً بالسياسة أو بالمجتمع، فما زال غربيون كثيرون حتى اليوم مثلا يعتقدون بأن الحرب على العراق جاءت بسبب تعامل الرئيس السابق صدّام حسين مع القاعدة او لوجود أسلحة دمار شامل عنده، وهما ذريعتان تم تكذيبهما لاحقا من كبار المسؤولين الرسميين في أميركا وبريطانيا ودول عديدة اخرى. لكن الشائعة والمعلومات الكاذبة مستمرة وفق احصاءات اجريت مرارا في الولايات المتحدة الاميركية.
هناك مثالان جديدان حاليا في فرنسا، على رسوخ الشائعة رغم تصحيحها أو نفيها، يتعلّق أولهما بالمُرشح للانتخابات الرئاسية والأكثر اثارة للجدل والأكثر حضورا في وسائل الإعلام، أي Eric Zemmour المولود في الجزائر في كنف عائلة يهودية. فهذا المُرشح اليميني الموسوم بالتطرف حيال الأجانب حاليا، يُقلق معظم المرشحين بمن فيهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون وذلك لأن شعبيته تكبر على نحو سريع رغم أن تاريخه السياسي قصير وأنه كان بارعا في الإعلام. فبعد أن غزا كل الشاشات والاذاعات وصفحات الجرائد واستطلاعات الرأي العام، سُئل قبل أيام كيف يكون ضد المهاجرين وهو جزائري يهودي الأصل وان والده كان يعمل في تصليح الاحذية؟ ورغم أنه أوضح أنه فرنسي أصيل لأنه وُلد في الجزائر حين كانت فرنسية ( أي مُستعمرة من قبل فرنسا) ومن أبوين كانا يحملان الجنسية الفرنسية أيضا، الاّ أن هذا السؤال انتشر كالنار في الهشيم وحجب كل ما عداه. في جميع الأحوال الرجل كبير التهديد لكل الطبقة السياسية، وسيكون من الصعب حجب تأثيره بلا تحالف انتخابي يميني يساري يبدو صعبا هذه الايام بوجود زمور وايضا مرشحة الجبهة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، وذلك في وقت صارت معظم الخطابات تُركّز على الحد من المهاجرين والمسلمين كجسر للعبور صوب الاليزة.
المثال الثاني يتعلق بملكة جمال فرنسا، الحسناء الفاتنة Diane Leyre، فما ان تربّعت على عرش الجمال خلفا ل Amandine Petit حتى سارع الممثل الكوميدي توماس غولدبرع الى نشر فيلم على تيك توك يقول إن الملكة الجديدة كانت عشيقته السابقة. فانتشرت الشائعة في كل وسائل الاعلام الرسمية والفنية والصفراء، حتى اضطرت الملكة الى الظهور في برنامج إعلامي نفت فيه كل ذلك وقالت :
- سيظهر كثير من الناس يقولون أشياء مماثلة عن علاقة معي
- سيظهر آخرون يقولون إنهم أبناء أعمامي
- لا استطيع ان اظهر كل مرة لاكذّب أو أؤكد شائعة
- إني أعيش على نحو ممتاز لوحدي
- إن قلبي ليس لأحد حاليا، ولا أريد أن اثير غيرة كثيرين وإنما أود الاهتمام بكل الفرنسيين في العام الحالي وكذلك بأهلي.
نفيُها للشائعة لم يحجبها، وإنما أثار نوعين من ردود الفعل، فمن جهة الشباب فرحوا انها وحيدة وحزنوا انها لا تريد اهداء قلبها لاحد، ومن جهة ثانية فتحت الباب لجدل قد يتسع لاحقا خصوصا اذا استطاع الممثل المعروف كشف أشياء جديدة.