الاجهزة التكنولوجية ثورة لجسم الانسان والرياضة
روزيت الفار-عمّان
وداعاً للكراسي المتحرّكة، وأهلاً بالوقوف والمشي من جديد.
تمتّع بالمشي الطّويل والرّكض السّريع ورفع الأثقال دون الشّعور بالتّعب.
هاتفك انتهى شحنه؟ لا تقلق. ففي عضلات ساقيك تجد الشّحن.
كما كان للعلم اهتمام بالدماغ وبأعضاء الجسم الدّاخليّة؛ ابتكر من أجل معالجتها وشفائها؛ مخترعات تكنولوجيّة تتألّف من أجهزة وشرائح بالغة الدّقة والتّقنيّة (السّايبورغ)، كان له بموازاة ذلك أيضاً اهتمام خاص بالأعضاء الخارجيّة منه؛ إذ اخترع لها ألبسة وأجهزة روبوتيّة يتم وضعها أو تركيبها على أعضائه المصابة كالأطراف والجذع والرّقبة؛ بهدف حمايتها ودعمها ومساعدتها على استعادة أو تعزيز وظيفتها الأصليّة. أطلق عليها اسم “إكسوسكيليتن”. استُخدمت بالأصل لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصّة كالمعاقين حركيّاً ومصابي العامود الفقري والسّكتات الدّماغيّة والشّلل وكبار السّن لإعادة تأهيلهم وتحسين نوعيّة حياتهم.
طُوّرت هذه الأدوات بحيث تعدّت مهمّة الدّعم والإسناد لتصبح أدوات تعيد لتلك الأعضاء حركتها وتحيي وظائفها من جديد، ولتصبح مؤخّراً وسائلَ للاستمتاع والرّفاهيّة لبقيّة النّاس الأصحّاء.
كيف كان ذلك؟
استُخدم هذا اللّباس بدايةً في أفلام الخيال العلمي الّذي كان باستطاعة الجنود فيها؛ التّغلّب والقضاء على أعدائهم، فكان حينها يغطّي كامل الجسم ومجهّزاً بالعتاد لا يمكن اختراقه أو تدميره.
غير أنّ ما نشاهده بعالمنا الواقعي الآن؛ مختلف تماماً. فقد تمّ تطوير هذه الهياكل في مختبرات الحركة البشريّة بحيث اختُصرت بمعظمها على تغطية أجزاء الجسم المُصابة ويتم صنعها إمّا من مواد صلبة أو ليّنة؛ تِبعاً للغاية الّتي تخدمها. لكنّها بالمجمل أجهزة وألبسة خفيفة يسهل التّعامل معها.
يعمل أحد أنواعها ميكانيكيّاً أي بالتّحريك الذّاتي ويعتمد على قوّة أعضاء أخرى من الجسم كالذّراعين في تقليص الوزن عن إحدى أجزائه كالأكتاف والرّقبة، كتلك الّتي يستعملها عمّال الإنشاءات والبناء.
و أنواع أخرى أكثر تعقيداً يلزمها محرّكات لتشغيلها وتتكوّن من مجموعة برمجيّات وأسلاك ولوالب وأشرطة؛ تجتمع لدعم العضلات والمفاصل كالكاحل والرّكبة والحوض، لمساعدتها في التّحرّك والالتفاف والتّنقّل. من أمثلتها: Exosuits, REwalk and Powersuits
من المثير للدّهشة؛ ذلك النّوع الّذي يمكن للدّماغ أن يتحكّم به.
نشر موقع Scientist 4/10/2019 تقريراً يفيد بتمكّن الخبراء من زراعة جهازي تسجيل على سطح الدّماغ وتحديداً على الجزء المغلّف لمنطقة الحركة، لالتقاط ونقل إشاراته وتمريرها لجهاز كومبيوتر ملحق بلباس الرّوبوت؛ بإمكانه قراءة هذه الإشارات وترجمتها إلى تعليمات تتحكّم به وتديره. فحين يفكّر الدّماغ “بالمشي” يطلق سلسلة أوامر في لباس الرّوبوت تحرّك أرجل من يرتديه للأمام. وسُجّلت حالة نجاح للفرنسي “تيبو” الّذي منعه الشّلل من المشي لمدّة سنتين، تمكّن بعدها من التّعافي والنّهوض والمشي مجدّداً.
هل ستشكّل بدلة الرّوبوت جزءً من خزانة ثيابك في المستقبل؟
تقول “نيويورك تايمز” أنه بعد أن استُخدمت تلك الأجهزة والملابس لغايات طبّيّة بحته، أصبحت تعتبر الآن كإحدى وسائل الرّفاهيّة والاستمتاع لبقيّة النّاس العاديين.
كيف؟
لقد نجح العلماء بتطوير أجهزة لتقليل الجهد المبذول في المشي والجري ولجعل هذه النّشاطات أقلَّ عناءً وأشدّ إمتاعاً. وقامت
شركة Nike باستخدام إطار خفيف الوزن يعمل بالطّاقة يلتف حول السّاق والكاحل، وقطعة صغيرة من ألياف الكربون يتم دمجها بنعل الحذاء، تعمل جميعها على تخفيف الجهد الّذي تبذله عضلات السّاق؛ لتسهيل دفع الجسم للأمام. وتقدّر زيادة السّرعة هنا ب10% عن المعدّل العادي.
وباستخدام جهاز آخر يختلف قليلاً؛ استطاع العلماء زيادة سرعة المشي لدى طلبة -تطوّعوا لإجراء التّجربة- من جامعة ستانفورد بنسبة 40% وبنسبة حرق تقل 2% عن المعدّل العادي.
وبتقليلها لكميّة الجهد المبذول؛ تستطيع هذه الألبسة والهياكل تحفيز الشّخص على مضاعفة الحركة والتّمتّع بقطع مسافات أطول من المشي والرّكض دون شعوره بالتّعب أو بمشقّة ووعورة الطّريق.
ناهيك عن خيار شحن الهاتف أو أي جهاز الكتروني صغير الّذي أضحى متاحاً باستخدام الطّاقة النّاتجة عن حركة عضلات الأرجل. فأثناء الرّكض أو المشي؛ يستخدم مولّد يوضع داخل حقيبة ظهر الشّخص الماشي؛ مشبوك بأسلاك توصله بكاحله. حيث نجحت التّجارب الفعليّة من التّوصّل لذلك -حسب موقعٍScience في أيّار 2021- فبعد 10 دقائق من المشي استطاع الجهاز تجميع بعض من طاقة العضلات الميكانيكيّة وتمريرها للمولّد الّذي حوّلها بدوره إلى ¼ واط. (علماً بأن أغلب الموبايلات تحتاج فقط لعدد قليل من وحدات الطّاقة (الواط) ليتم شحنها بالكامل)، وبزيادة زمن المشي تزداد قيمة الطّاقة المتجمّعة.
ولامتلاك تلك الأجهزة والملابس لهذه الامتيازات، هل ستكون من الضّرورات في المستقبل؟
هل ستلبّي أعدادها حاجة السّوق وتكون أسعارها بمتناول الجميع وتُطرح بأشكال ترضي ذوق المستهلك وتواكب الموضة؟
ثم هل تشكّل بنهاية الأمر تهديداً للمراكز والنّوادي الرّياضيّة؟