طالبان للصين: لن نسمح بالمساس بكم عبر أراضينا
بكين-اسلام أباد-لعبة الأمم
لم ينتبه كثيرون لاهمية ما جرى قبل ثلاثة أيام في قطر، مع أن اللقاء هناك بين مسؤول صيني رفيع ووفد كبير من حركة طالبان الأفغانية أكد التحول الكبير الجاري حاليا بين أفغانستان التي انسحب منها الاميركيون ودول الاطلسي وتولّتها الحركة الاسلامية، وبين الدولة الصينية الآخذة في ترسيخ أقدامها عبر العالم وفي المحيط الاسيوي، لبناء جسور تعاون واسعة ومعابر للثروات، ولكن أيضا استعداداً لمواجهة الولايات المتحدة الاميركية التي قرّرت أن الصين هي منافسها الأول وعدوها الأشرس.
عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، اجتمع في الدوحة بالملا عبد الغني برادار، نائب رئيس الوزراء بالوكالة في حكومة طالبان الأفغانية المؤقتة والوفد المُرافق الذي ضم شخصيات رفيعة من الحركة. وقال برادار :” إن اتباع سياسة ودية تجاه الصين هو خيار ثابت لحركة طالبان الأفغانية، التي تأمل في تعزيز التعاون مع بكين في مختلف المجالات. وإن حركة طالبان ، التي تولي أهمية كبيرة لشواغل بكين الأمنية، ستفي بوعدها بحزم ولن تسمح أبدا لأي شخص أو أي قوة باستخدام الأراضي الأفغانية لإلحاق الضرر بالصين”. معرباً عن أمله في زيادة المساعدات الصينية والدولية لبلاده بغية التغلب على الأزمة الإنسانية والعودة إلى المسار الصحيح للتنمية. وشكر الصين التي قال :”إنها جارة مهمة لأفغانستان، لما أبدته من احترام وود تجاه بلاده في الأوقات الصعبة”
هذا الود والخيار الاستراتيجي لطالبان حيال الصين، يأتيان في سياق التحولات الكُبرى في المنطقة، وسعي الحركة للاعتراف بها على المستوى الدولي كسيدة افغانستان المُقبلة، وقد التقت المصالح الاقليمية والصينية بين افغانستان اليوم والصين، لمواجهة أي ضغوط أميركية أو غربية، على اعتبار ان التجربة الاميركية والاطلسية على الاراضي الافغانية انتهت الى فشل ذريع. وبرغم أن الحركة ما زالت تسعى لربط الخطوط مع معظم دول العالم، غير أن الاتجاه الواضح حاليا هو للاعتماد على الصين وروسيا المناهضتين لاميركا وذلك في سياق البحث عن مساعدات اقتصادية ودعم سياسي ومالي دولي وتطويق الضغوطات الغربية . والصين من جانبها تُريد أيضا تطويق أي حركات ارهابية أو متطرفة تنطلق من تلك المنطقة ضد أراضيها.
وقال المسؤول الصيني :”إن أفغانستان، التي تقف الآن في مرحلة حرجة من التحول من الفوضى إلى الحكم، تواجه حاليا فرصة تاريخية لتحديد مصيرها حقا، وتحقيق المصالحة والتسامح، ودفع إعادة الإعمار الوطني. وانها تواجه 4 تحديات، هي الأزمة الإنسانية والفوضى الاقتصادية والتهديدات الإرهابية وصعوبات الحكم، مضيفا أن التغلب على هذه التحديات يتطلب مزيدا من التفهم والدعم من المجتمع الدولي.” آملاً في أن “تظهر حركة طالبان الأفغانية مزيدا من الانفتاح والتسامح، وتوحد جميع الجماعات العرقية والفصائل في أفغانستان للعمل معا من أجل إعادة الإعمار السلمي، وحماية حقوق ومصالح النساء والأطفال بشكل فعال”
كما حث وانغ حركة طالبان على :”تبني سياسة ودية تجاه الدول المجاورة لها، وبناء دولة حديثة تتوافق مع تطلعات الشعب وتوجهات العصر”.وقال :”إن الصين تحترم دائما سيادة أفغانستان واستقلالها وسلامة أراضيها، وتدعم الشعب الأفغاني في تقرير مصيره واختيار مساره التنموي بشكل مستقل. وان الصين التي لم تتدخل قط في الشؤون الداخلية لأفغانستان ولم تسع أبدا لتحقيق مكاسب أنانية أو مجال نفوذ، تنتهج بحزم سياسة ودية تجاه جميع أفراد الشعب الأفغاني، وتدعم جهود استعادة الاستقرار وإعادة الإعمار في البلاد.” مشيرا الى أن بلاده “تحث الولايات المتحدة والغرب ككل على رفع العقوبات، وتدعو جميع الأطراف إلى التعامل مع حركة طالبان الأفغانية بطريقة عقلانية وعملية لمساعدة أفغانستان على الشروع في طريق التنمية الصحية”
وفي سياق تطويق الحركات الارهابية والمتطرفة وبمساعدة طالبان، قال المسؤول الصيني : “إن “حركة تركستان الشرقية الإسلامية” وهي منظمة إرهابية دولية مدرجة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا تشكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي للصين وسلامة أراضيها فحسب، بل تعرض أيضا الاستقرار الداخلي والاستقرار على المدى الطويل في أفغانستان للخطر”، مُشجعاً حركة طالبان على الانفصال تماما عن حركة تركستان وغيرها من المنظمات الإرهابية واتخاذ إجراءات فعالة لتعقبها بحزم”
وقد شرح المسؤول الافغاني الرفيع للمسؤول الصيني الخطوات التي قامت بها الحركة داخليا، مؤكد أن الدعاية الغربية ضدها هي التي ما زالت تشوه سمعتها، فركّز على الامور التالية :
- ان الوضع حاليا هو تحت السيطرة ويتحسن مع تشكيل الحكومات على جميع المستويات بشكل تدريجي وتنفيذ المراسيم الحكومية بشكل فعال.
- إن الحكومة الأفغانية المؤقتة تعمل جاهدة لتلبية احتياجات الشعب، وسوف تتعلم من تجربتها التاريخية وتتخذ مسارا تنمويا يتفق مع ظروفها الوطنية.
- الحركة اتخذت وستواصل اتخاذ تدابير شاملة لتوسيع تمثيل النظام،وإن معظم المسؤولين والتكنوقراط في الحكومة السابقة ظلوا في مناصبهم، وسيتم توظيف المزيد من المواهب من جميع المجموعات العرقية للمشاركة في حكم الدولة في المستقبل.
- إن حركة طالبان الأفغانية مستعدة لتعزيز الجهود لحماية حقوق ومصالح النساء والأطفال، ولن تحرمهم من حقهم في التعليم والعمل.
- استأنفت النساء في المؤسسات الطبية والمطارات وأماكن أخرى عملهن، وعادت الفتيات في المدارس الابتدائية والثانوية في العديد من الولايات إلى المدرسة، لكنهن ما زلن يواجهن صعوبات مثل نقص المرافق والأموال.
الواضح ان الجانبين الصيني والطالباني عازمان على تعزيز علاقاتهما، وثمة حاجة متبادلة لذلك، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة التي ستبقى تحاول لا شك اعاقة اي تقارب في منطقة آسيا المجاورة للصين.
وخلال اقامته في الدوحة، التقى وانغ أيضا وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة أمير خان متقي.