عيد القمر والكعكة في الصين
لجين سليمان-الصين
بقمر مكتمل، وكعكعة مدوّرة محشوّة بمختلف أنواع التمور والفاكهة، يحتفل الصينيون بعيد تعددت أسماؤه إلا أنّ طقوسه واحدة، يسميه بعضهم “مهرجان منتصف الخريف” ويسميه بعضهم الآخر “مهرجان القمر” أو مهرجان “كعكة القمر” نسبة إلى الحلوى التي يتمّ تناولها خلاله، أو “عيد البدر”.
يصادف العيد في الخامس عشر من الشهر الثامن وفق التقويم القمري، ويستمر مدة ثلاثة أيام، تعدّ من أهم الإجازات في الصين، إذ يكون القمر أكبر حجما وأكثر لمعانا، ويتناول الناس كعكة شهيرة تتواجد في معظم المحال التجارية في المدة التي تسبق العيد، ليس فقط في الصين وإنما في الأحياء الصينية الموجودة في أي بلد.
تتعدد الأساطير حول “مهرجان منتصف الخريف” وتعد القصة التالية أحد أهم هذه القصص المتداولة:
في أحد الأيام، وبينما كان الكون يعيش بسلام وأمان مع “شمس” واحدة و”قمر” واحد، قررت تسع شموس أن تغزو الكون وتسطع بكل قوة، لترفع درجة الحرارة بشكل كبير وتهلك الكائنات الحية على الأرض، وبالفعل بدأت الحياة تنتهي لأن هذه الكائنات لم تتحمّل درجات الحرارة العالية، فبدأت تموت بشكل تدريجي، عندها طلب “إمبرطور” الكون من أحد الأبطال والذي كان يعمل صيادا ويدعى “خو اي” أن يقوم بالقضاء على الشموس.
خاض الصياد معركة ضد الشموس، وقضى على تسع منهم، عندها أعلنت الشمس العاشرة استسلامها وقررت الذهاب تاركة المجال للقمر أن يظهر، كي تعود الحياة طبيعية ويتناوب الليل والنهار معا، لتعود الحياة من جديد.
فرحت “آلهة القمر” بهذا الانتصار الذي حققه “خو اي” وقررت أن تعطيه “اكسير الخلود” بحيث يكمل حياته على القمر مع من يحب، فاختار الصياد زوجته “تشان اا”، وذهب إليها ليخبرها بما حدث معه، وبينما كان يتحدث معها حول هذا الامر (اكسير الخلود) سمعهما أحد طلابه ويدعى “بنغ منغ” فانتظر خروج “خو اي ” من منزله إلى الصيد، ودخل وبيده سيف وبدأ يهدد “تشان اا” (زوجة الصياد) كي تعطيه هذا “الاكسير” فما كان منها الا أن شربت “حبتي” الاكسير وذهبت إلى السماء وحيدة، كي لا تقدّم الخلود لشخص كان يريد أن يقتلها، وبذلك طارت “تشان اا” نحو القمر.
علم بعدها زوجها بما حدث، فعاد إلى المنزل وأعدّ مائدة، وضع فيها “كعكة” زوجته المفضلة .
من هنا جاء الدمج بالتسمية بين “الكعكة” و “القمر” ليصبح العيد باسم عيد “كعكة القمر”، ويتحول الاحتفال به إلى تقليد سائد، فتجتمع العائلة كلها حول المائدة، خاصة أنه ووفقا للمعتقدات الصينية فإنّ اكتمال البدر يرمز إلى لم شمل الاسرة، التي تلتقي كلها في ليلة العيد، وتتناول “الكعكة” المدوّرة ، ويتأمل أفرادها القمر، ولهذا يشكّل “المهرجان” فرصة مهمة للقاء، خاصة أنه في هذه الايام قلما تجتمع عائلة كاملة في الصين، فبعد أن يكبر الأولاد غالبا ما يذهبون للعمل في مدينة أخرى، واليوم عندما تسأل إحدى العائلات الصينية عن سبب تغيب ولدهم في هذا العيد المهم لن يلبث أن يجيب “إنه يعمل، ليبني الصين، لا عطلة حتى في الاعياد”.