ثقافة ومنوعات

البرمجة اللغوية-العصبية تُحسّن حياة الناس

البرمجة الّلغويّة العصبيّة.NLP Neuro Linguistic Programming، وتأثيرها على حياة الناس

روزيت الفار-عمان

هي عمليّة برمجة الدّماغ والجهاز العصبي باستخدام اللّغة. تهدف إلى تحسين نوعيّة حياة الأشخاص بشكل عام وخصوصاً، مّن يعانون من حالات اضطرابات ومشاكل عصبيّة ونفسيّة. تعتبر أبعد من عمليّة تكنولوجيّة  وأكثر تطوّراً من أساليب العلاج النفسي التّقليدية حيث بإمكانها كشف قدرات الدّماغ وكيفيّة التّحكّم به واستخراج أفضل نسخة منه للاستفادة المُثلى منها؛ عبر آليّة متطوّرة  تظهر المحدّدات  والعوائق وتقدّم الحلول لها. أصبحت الآن أسلوباً يُستخدم على مستوى العالم.

  قامت هذه البرمجة على التّعاون بين عالِم الرّياضيات الأمريكي ريتشارد باندلر Bandler واللُّغوي  جون جريندر Grinder صاحبي الفضل في تأسيسها في سبعينات القرن الماضي- عبر التّوأمة  بين حقلي تخصّصهما. وبعد تجارب ودراسات مضنية استعانا خلالها بتجارب واستريجيّات عددٍ من علماء النّفس المتخصّصين النّاجحين في أساليب التّواصل، استطاعا تطوير نماذج  models مكّنتهما من استخدامها في معالجة وتعليم بقيّة الناس. أهم أولئك النّاجحين؛ ثلاثة، هم : فريتز بيرلز ، المعالج للشّكل الكلّي ( الذي يعالج الشخص كوحدة واحدة من النفس والجسد gestalt therapist.) وفيرجينيا ساتير، معالجة أُسريّة، وميلتون إيريكسون، المُعالج بالتنويم المغناطيسي.

ترتكزهذه البرمجة على عاملين:

  • ” النّمذجة” أي تحديد أدوات نموذجيّة تستخدم لرصد حالة محددة بهدف انتاج “نمط” أو “مثال” متميّز يُحتذى به ويُقاس عليه ويمكن تطبيقه في أيِّ مجال.

2- وضع مجموعة من الأساليب تعتمد على مبادىء حسّيّة ولغويّة وإدراكيّة لتطبيق النماذج التي سبق استخراجها.

يقول باندلر: لم تصمّم أدمغتنا لتأخذ نتائج؛ هي تسير  في اتجاهات. “وإذا علمت كيف يعمل الدماغ، فإن باستطاعتك تحديد هذه الاتجاهات وإدارة جسمك ودماغك معاً. وإن لم تستطع فهناك من سيقوم بالمهمَّة بدلاً عنك.” ويعني استخدامNLP” “.

تبدأ هذه البرمجة بالتّبلورعن طريق الحواس والّلغة التي يسمعها ويقرأها ويتعلّمها الفرد منذ صغره. حيث تذهب تلك المعلومات الى دماغه وجهازه العصبي ويكوّن منها صورة (خارطة) عن نفسه وعن العالم. ولا يكون لديه إلا ذلك العالم الذي تشكل في ذهنه بغض النظر عن حقيقة هذا العالم. وتبعا لذلك؛ “فإنَّ بإمكان الفرد أن يغيّر واقعه أو العالم عن طريق تغيير ما في ذهنه” وهذا أساس عملية البرمجة اللغويّة العصبيّة؛ فهي تدرس علاقة الوظائف الفيسيولوجيّة والسيكولوجية بالتفكير. يُذكر أن لكلِّ شخص خارطة مختلفة عن بقيّة الأشخاص. تنمو مع تقدّمه بالعمر والخبرات وتصبح أكثر تعدّدا للطّرق (طرق الحلول) ويصبح بالتّالي صاحبها أكثر مرونة ونضجاً واستعدادا لفهم نفسه ومحيطه.

من ضمن آليات عمل هذه البرمجة، بناء وتصميم وتطوير وإنشاء وصيانة السلوك والتفكير والأحساس لدى الفرد وتحسين مستوى أدائه. وكذلك تصميم الأهداف له أو للأسرة أو المؤسسة وتصميم الطرق الموصلة إليها عبر تطويع وتوظيف الّلغة  لخدمة التفكير وكيف نستخدم الحواس للتّعرف على كيف يفكّر الآخرون لنتمكن من التأثير بهم، حيث يتدرّب المعالجون على دراسة حركات العين وزوايا  واتجاهات  تحرّكاتها، وأسس انتقاء الكلمات وكيفية وزمن واستخدامها بما يلائم سلوك وانفعالات المرضىى والوصول لعقلهم الباطني ليتم التّمكّن من تغيير أفكارهم  نحو ما هو مرجو. كحالات الخوف والوهم والتوتر والصّراع الداخلي وغيرها. مثلاُ: يُطلب من المريض تخيّل صورة لشخص أساء له بشكلها الأصلي، ثم القيام بتخيّل الصّورة باللونين الأسود والأبيض، وبعدها القيام بتصغير هذه الصّورة بالتّدريج إلى أن تختفي.

يتابع المعالِج أثناء ذلك حركة عيني المريض ويراقب حركاته الجسديّة ويرصد انفعالاته. وعلى ضوء كل حركة وانفعال وسلوك يصدره المريض؛ يقوم المُعالج بارشاد مريضِه للقيام بأعمال محددة مستخدماً ارشادات ولغة واضحة ومقبولة من شأنها التأثير الإيجابي بسلوكه وتغييره.

ويعتمد نجاح هذه العملية على مرونة الشّخص الذّهنيّة، فكلما كان الشّخص مرنا؛ كلما زادت نسبة النجاح. وكذلك  على كفاءة المّعالج ا وخبرته المهنيّة.

إن هذا النوع من البرمجة يستند على التجربة والاختبار ويقود إلى نتائج محسوسة. فهي تنظر إلى عملية النّجاح أوالتفوّق  كعملية يمكن صناعتها. فهي تعتبر “نتيجة”،  لها أسبابها ومسبباتها وليس حظّاً أو صدفة.

أهم مبادئها:

1-أن لا وجود لمشكلة دون حل. وبأنَّ لكلِّ شخص القوّة التي يحتاجها لذلك الحل.

  • أن الجسد والعقل جزء من نفس النّظام. فكلُّ شعورٍ وكلُّ عاطفةٍ تؤثر بالجسد لها بالوقت ذاته تأثير بالاتجاه المعاكس.
  • ليس هناك إخفاقات بل فرص. لا يأتِ النّجاح إلّا إذا كان هناك تجربة. والفشل حينها يكون فشل التّجربة وليس فشل الشّخص. وإذا فشلت التجربة الأولى فهناك فرصة لتجربة ثانية وثالثة.
  • يكون لدى الفرد دائماً فكرة إيجابيّة عن كل سلوك يقوم به. فمثلا يرى المُدخّن أن التدخين يريح أعصابه أو يجعله مقبولاً اجتماعيّاً. فلا بد للمعالج إنشاء إرشادات اتصال واضحة غير قابلة لسوء التفسير والفهم من قِبَل المريض، وغير منحازة أو مثيرة لانفعالاته.

امتد هذا التطبيق ليشمل كل ما يتعلق بالنّشاط البشري كالتّربية والتّعليم والنّشاط التّجاري والمهارات والتّدريب، من خلال تقديمها لأساليب  لزيادة وتحسين التّعلم والتّذّكّر والحفظ ورفع فاعلية أداء المدّرسين ووسائل الإيضاح المستخدمة.

لكن؛ وبالرّغم من نجاحها واتساع مدى استخدامها، غير أنّ هذه التّجربة تبقى خاضعة للجدل من  ناحية صّعوبة “نمذجة” سلوك البشر وتطبيقها على أشخاص مختلفين بدقّة متناهية، كما وأنّه لا تزال ممارسة ومعالجة وليست علاجاً طّبيّاً  يستند على علوم و نّظريات.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button