أيمن مرابط – الرباط
ككل يوم، منذ انطلاق الحملة الانتخابية، تراقب فاطمة الزهراء الحرشاوي، وهي طالبة جامعية، المشهد الانتخابي عن كثب، تتابع أخبار النساء المرشحات للانتخابات في مدينة سلا القريبة من الرباط حيث تقطن وتدرس بكلية الحقوق، فتجد وجوها نسائية جديدة عند كل حزب سياسي، سواء مرشحات أو وكيلات اللوائح على مستوى البرلمان أو الجهة أو الجماعات المحلية لمدينة سلا، تقرأ البرامج الانتخابية لكل واحدة على حدة بتمعن حتى تقتنع بمن ستصوت لصالحه.
تقول فاطمة الزهراء في حديثها لموقع “لعبة الأمم” أنها “فرحة بوصول النساء عامة لمراكز قرار سياسية كانت حكرا على الرجال منذ زمن طويل، وهذا نتيجة مسار نضالي نسائي طويل ومبكر بالمغرب”، وتضيف أن “هذا الحضور لا يزال ضعيفا ومحتشما لدى غالبية الأحزاب السياسية، ذلك أن هذه الأحزاب تأتي بوجوه نسائية فقط لتؤثث الفضاء السياسي، لا لتصل لمراكز القرار الحاسمة، إلا بعض الأسماء القليلة التي تفرض نفسها”.
تؤكد الطالبة الجامعية الشابة على ضرورة التكوين الأكاديمي ومستوى الوعي السياسي لدى النساء المترشحات كافة، حتى يقدرن على تحقيق تطلعات المواطنين ويكسبن ثقتهم”، كما أنها تطمح “لوصول امرأة لرئاسة الحكومة المغربية مستقبلا”، آملة من ذلك “التغيير الفعلي والملموس في عدة قطاعات مهمة، فشل آخرون في تدبيرها”.
تعرف الانتخابات التشريعية والجماعية اللتان تقامان في يوم واحد حضورا نسائيا لافتا، ويعد هذا مكسبا ديمقراطيا من شأنه رفع تمثيل النساء في المؤسسات المنتخَبة، حيث عرف عدد المرشحات في الانتخابات التشريعية ارتفاعا بنسبة 34 بالمئة مقارنة بالانتخابات الماضية، كما عرفت الترشيحات النسائية لعضوية المجالس الجهوية والجماعية منحى تصاعديا بحسب معطيات رسمية.
وقد بلغت ترشيحات النساء لانتخابات أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، 2329 ترشيحا من مجموع 6815 ترشيحا.
أما عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية وصل ما يقارب 18 مليون شخص، منهم 46 في المئة من الإناث، وفق بيانات رسمية.
في هذا الصدد، التقينا بالمرشحة عن “تحالف فيدرالية اليسار” بدائرة المحيط أحد أحياء العاصمة الرباط ، السيدة مريم بن خويا وكيلة لائحة الحزب على مستوى البرلمان، تقول إن هذه هي “تجربتها الأولى كوكيلة لائحة للحزب بدائرة المحيط”، وتتنافس فيها مع أسماء سياسية وازنة أبرزها رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني المنتمي لحزب “العدالة والتنمية”، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله وغيرهم. وتضيف في حديثها لموقع “لعبة الأمم” أنها “تواجه تحديات متمثلة أولا في طبيعة دائرة المحيط التي تجمع أحياء من المستوى المتوسط فما فوق وأخرى شعبية”، واصفة إياها “بصورة مصغرة عن المغرب بفوارقه الاجتماعية كلها”، وكذا كيفية مخاطبة الشرائح المتنوعة وإقناعها عبر التواصل معهم في ظل ظروف جائحة “كورنا” التي أضعفت حجم الامكانيات في التواصل المباشر”.
وتروي أنها “ترشحت في دائرة انتخابية تسمى ب”دائرة الموت”، نظرا لحجم المنافسين الآخرين، لكنها تؤكد أن هذا الأمر “يعزز قوتها وثقتها بنفسها وبكفاءتها السياسية”، وتشدد على أنها “قادرة على ربح هذا التحدي، انطلاقا من المصوتين الذين اقتنعوا ببرنامجها الانتخابي”.
وحول كونها وجها جديدا يطل على المواطنين، تبرز المتحدثة التي تشغل منصب “إطار بوزارة المالية”، أن “نسبة مهمة منهم يعبرون صراحة عن عدم ثقتهم في الانتخابات وبالمرشحين واختاروا عدم التصويت، لكن من جهة أخرى من خلال النقاش والتواصل، كسبنا ثقة أصوات اقتنعت ببرامجنا، وظهوري كوجه جديد شكل ارتياحا لدى الشباب والنساء”، موضحة أن “المغاربة يفهمون جيدا ما يقع في الانتخابات والمشهد السياسي، ولا يريدون سوى العيش بكرامة ويتحسن مستوى القطاعات الحيوية”.
أما عن المشاركة النسائية في الانتخابات، فتشدد مريم بن خويا في ختام حديثها على “ضرورة تعزيز حضور النساء في هذا الاستحقاق الوطني”، وتلاحظ “غياب العنصر النسائي كوكيلات للوائح التشريعية”، وترى أن “تمثيلية النساء بفيدرالية اليسار تبقى متميزة عن أحزاب أخرى
على جانب آخر، انتقلنا لمدينة سلا لنلتقي بإحدى المرشحات عن نفس الحزب اليساري ولكن كوكيلة للائحة المحلية فقط بدائرة “باب مريسة” بمدينة سلا للمرة الأولى. وهنا من داخل مقر الحملة الانتخابية المتواضع بأحد أحياء المدينة ترى زكية الشابي أنه “لابد أن يكون هناك ارتباط بالجماهير والمواطنين على الدوام وليس في المناسبات الانتخابية فقط، حتى يستطيع المرشح فهم الطبيعة الاجتماعية وانتظارات ساكنة المنطقة التي ترشح بها”.
تضيف الشابي في حديثها مع موقع “لعبة الأمم” أنه “لابد من الاهتمام بالبنى التحتية الخاصة بفئة الشباب، والتي أراهن عليها في برنامجي الانتخابي وعلى العدالة الاجتماعية وتحسين جودة القطاعات العمومية، والفضاءات الترفيهية والثقافية”.
وعن بروزها للمرة الأولى بالمشهد الانتخابي محليا تقول المتحدثة أنه “بالنسبة لي كوجه نسائي جديد على الساكنة، أقوم بحملتي شخصيا وأشرف عليها وأتواصل مع الساكنة بشكل مباشر منذ انطلاق الحملة حتى اليوم، كي يتعرفوا علي” مؤكدة بذلك أنها لاقت “استحسان وتجاوب من الناخبين ورغبة في التغيير، خاصة تغيير الأشخاص”، حيث بالنسبة لها “لا تريد الأصوات التي تُشترى، بل أصوات تقتنع بها وببرنامجها الانتخابي”.
تواصل الشابي التي تعمل كإطار تعليمي بإحدى المؤسسات التعليمية والمنتمية لليسار لأزيد من ثلاثين سنة حديثها بالقول إن “حظوظنا في الفوز ضئيلة مقارنة بأسماء أخرى، تعمد إلى أساليب غير قانونية لكسب الأصوات”، مؤكدة أنه “في حال وصولنا للمجلس سنكون من موقع أغلبية المعارضة، ولن نتحالف مع تجار الفساد المعروفين في المدينة، إنما سنشكل جبهة لفضح ذلك الفساد”.
واختتمت حديثها بأنها تراهن بقوة “على الكفاءات النسائية التي تتابع الشأن السياسي ولها مستوى تعليمي جيد ومقتنعة ببرنامجها الانتخابي وتعرفها حق المعرفة”، وحسب قولها فإن “تجار الفساد يراهنون على النساء في الأحياء الهشة والفقيرة والغير متعلمات، عبر مقابل مادي أو خدمات مناسباتية فقط”.
تجري الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية في يوم واحد للمرة الأولى في تاريخ المغرب. إذ ستفتح مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة صباحاً، وتُختتم في الساعة السابعة مساءً. وقد تأكد تخصيص 50 ألف صندوق اقتراع لاستقبال أصوات الناخبين.
ووفق معطيات وزارة الداخلية المغربية عرفت ترشيحات النساء لعضوية البلديات ارتفاعاً مقارنة بآخر انتخابات في عام 2015، بحيث وصلت إلى 47 ألفاً و60 مرشحة، بما يقارب 30 في المائة من العدد الإجمالي للترشيحات.
وبلغ العدد الإجمالي للترشيحات لانتخابات مجالس الجهات التي تضم في المجموع 678 مقعداً، 1123 لائحة، تضم 9892 مرشحاً، بمعدل يقارب 15 ترشيحاً عن كل مقعد، منها 3936 امرأة مرشحة، أي ما نسبته 40 في المائة من مجمل الترشيحات.