الرئيس الصيني في العيد المئة للشيوعي : الصين نهضت
بكين- لعبةُ الأمم
من على نهضة اقتصادية هائلة، وثورة تكنولوجية قارعت الغرب، وتصنيع يغزو القارات، ودور يكبُر في العالم، وإدارة ممتازة لمواجهة فايروس كورونا، استطاعت الصين أن تستقبل هذا الصباح الذكرى المئة لتأسيس حزبها الشيوعي العريق، بكثير من الفخر والفرح وتوجيه رسالة الى العالم تقول على لسان رئيس البلاد إن زمن اذلالنا قد ولّى والصين نهضت ولن تعود الى الوراء مُطلقا.
في الاحتفالات بالذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني الذي ما زال يقود البلاد بينما انهارت معظم الأحزاب الشيوعية الأخرى في العالم، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ:” ولّى الى غير رجعة الزمن الذي كان فيه شعبُنا يُداسُ بالأقدام، وان الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني يُعلنان اليوم على الملأ أن الشعب قد نهض، وأن نهضته لا عودة عندها ذلك أن هذه النهضة للأمة الصينية قد دخلت مسارا تاريخيا لن يعود أبدا الى الوراء “
في تذكيره بالتاريخ الصيني القاسي كان الرئيس يُشير الى المرحلة التي كان فيها الاستعمار الغربي قد حوّل مُدُنا صينية بكاملها الى مسرح للمخدّرات والدعارة بغية تعزيز الأرباح التجارية الغربية على حساب فقر وكرامة الشعب.
يُشار الى أن الحزب الصيني كان قد وُلد في العام 1921 في شنغهاي نفسها التي كانت عبر التاريخ ضحية الاستعمارات وتجارة الافيون الغربية والتي صارت اليوم تُقارع نيويورك أناقة وجمالا وناطحات سحاب. وصار الحزب الشيوعي ثاني أكبر قوة في العالم مع الولايات المتحدة الأميركية.
وقد خرج ملايين الصينيين صباح اليوم الى الشوارع يحتفلون بهذه المُناسبة العزيزة عليهم، ليس فقط لأنها تُحيي عيدَ حزبهم، وانما لان هذا الحزب وعبر الثورات الثقافية والزراعية والصناعية المتلاحقة التي قام بها والنقد الذاتي المتعدد الذي نفّذه نجح في نقل البلاد من مراحل الفقر المُدقع الى ساحات العالم الأولى في التكنولوجيا والتصدير الصناعي وثورة الجيل الخامس من الاتصالات، وارتفعت مستويات حياة الناس في الداخل على نحو لا يُقارن أبدا مع السابق حتى ولو ان بعض الفقر مستمر وهو في طريقه الى الخلاص.
وتم اطلاق 100 طلقة مدفع في العاصمة، بينما سماء بكين كانت مزدانة بالطائرات التي قامت بعمليات تحليق إبداعية تُشير الى التطور الكبير في مجالات التسلح والخبرات، وكانت مروحيات الهليكوبتر ترسم في السماء الرقم 100 ، وأخرى تحمل العلم الصيني الذي يتوسطه المطرقة والمنجل على خلفية حمراء.
ساحة ُ تيانان مين الشهيرة حيث يرقد ضريح ماوتسي تونغ مؤسس الجمهورية الشعبية في العام 1949، ازدانت بالورود وجاءت اليها جحافل الشباب الصيني منذ ساعات الفجر الأولى تُحيي الذكرى ، وسط تدقيقي أمني كبير كي لا يُصار الى خلق أي فوضى أو تظاهرات مناهضة أو تنفيذ أي اعتداء يُسيء للمناسبة
ومنذ أيام تشهد الصين الكثير من الاحتفالات بهذه المُناسبة، وكأن البلاد وقادتها يريدون بعث رسالة الى العالم تقول إن الصين صارت قوية بما يكفي كي لا يفكرّن أحد بالاعتداء عليها أو بتقزيم دورها، خصوصا بعد التصريحات النارية التي أدلى بها الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مُعتبرا ان الصين هي العدو الأول والمنافس الأول، وهو ما سار خلفه فيه ولو بنسبة أقل الأوروبيون.
لا شك ان إدارة الصين لمواجهة فايروس كورونا جذبت أنظار الإعجاب العالمي اليها ولذلك عزّزت الدعاية الغربية الاتهامات ضدها على أنها مصدر الفايروس وانها تسببت بوفاة أو إصابة الملايين عبر العالم.
الواقع ان الحزب الشيوعي الصيني يستطيع ان يحتفل بمئويتة الأولى من على عرش انقاذ البلاد من الفقر والتخلف، ووضعها في مصاف أبرز دول العالم، وهو دور يكبُر كثيرا، ويُقلق كثيرا من اعتاد على أحادية القرار العالمي والذي حاول زرع البلبلة في مناطق نفوذ صينية عديدة من تايوان الى هونغ كونغ وغيرهما.
100 عاما على الحزب الشيوعي الصيني، وما زال الحزب، ليس فقط صامدا وإنّما نجح نجاحا باهرا في جعل الصين أبرز منافس لأبرز قوة عالمية هي الولايات المتحدة الأميركية. تضاعفت قوة الصين، بينما نجد أن أنظمة غربية عديدة تُعاني من وهنٍ في مجالات اقتصادية وسياسية واجتماعية كثيرة.
ويبقى السؤال المركزي: أيهما أهم، نهضة الاقتصاد ورفاهية الشعوب أم التعددية السياسية والديمقراطية على الطريقة الغربية.. السؤال يطرحه كبار المفكّرين الغربيين منذ وقعت كارثة كورونا ونجحت الصين في ضبطها أسرع بكثير من غيرها. لا شك ان الاثنين معا ممتازان، وربما الصين تصل اليهما يوما ما، فثوراتها الداخلية لم ولن تهدأ وتطوير الحزب والاقتصاد صوب مرحلة وسطى بين الاشتراكية والليبرالية سائر على نحو جيد حتى الآن.