زينة رزق
لم يكن يوماً وجودها في أي عمل فني إلا بوابة لنجاح هذا العمل بغض النظر عن التفاصيل الأخرى.. هي الجميلة السمراء ذات الشامة المميزة الفنانة القديرة سمر سامي..
ولدت سمر سامي في مدينة حمص قلب سوريا و حرمت من عاطفة الأبوة بعمر صغير بعد وفاة والدها فربتها أمّها وخالاتها.. مسيرتها الفنية بدأت باكراً أيضاً كمطربة في حلب 1974 لتقرر بعدها الانتساب لنقابة الفنانين في العام 1978..
التقت في مبنى النقابة المخرج فردوس الأتاسي وكان يبحث وقتها عن فتاة بعمر المراهقة لأجل دور رئيسي في مسلسله ” أحلام منتصف الليل” سألها: هل تمثِّلين؟ فأجابته: “لا أعرف التّمثيل، لكنّني أرغب في التّجريب”، فقال: “لنجرّب إذاً، ولم تكدْ تنتهي من التّصوير حتّى سمع عنها المخرج هيثم حقي، فأعطاها بطولة عمله “الوسيط” في العام ذاته ..
أول أعمالها كان مسلسل أردني مصري مشترك ( المفسدون في الأرض) بدأت به مشوارها الفني الغنيّ بالأعمال التّلفزيونية والسينمائية أبرزها في التلفزيون : شجرة النارنج.. الفصول الأربعة.. الزير السالم.. أحلام كبيرة.. ذكريات الزمن القادم.. عندما تشيخ الذئاب.. و غيرها.. , وفي السينما : بقايا صور.. أمطار صيفية. الكومبارس.. الترحال.. مطر أيلول..
حصلت على جائزة أفضل ممثلة من “بينالي السينما العربيّة” الذي ينظّمه “معهد العالم العربي في باريس” عن دورها في فيلم “الكومبارس” لـ (نبيل المالح)، وعام 2004 حصلت على جائزة ” أدونيا ” لأفضل ممثلة عن دورها في مسلسل ” أحلام كبيرة ” لـ (حاتم على) ….
من يستطيع أن ينسى دورها في هذا المسلسل (أحلام كبيرة) بكل تفاصيله.. الأم لأربعة شبان ومشاكلهم العائلية على امتداد مراحل عمرهم وبيت دمشقي جميل و موسيقى الشارة ( كل شيء ضاق.. ضاق حتّى ضاع ) للمبدع طاهر مامللي .. و تجسيدها فيه لدور الأمّ والزوجة بإتقان و إحساسها الذي يصل للقلوب من لمعة عينيها .. رغم أنّها لم تتزوج ولم يتثنى لها أن تصبح أمّاً..
آخر أعمالها كان في رمضان الأخير مسلسل ” على صفيح ساخن” جسدت فيه شخصية ” شمس الموازيني” دور صغير لكنّه ترك أثراً كبيراً .. الحبيبة الوفية لذكرى حبيبها الراحل .. كل مشهد لها كان تجسيد رائع للفن.. تتابعها وتقول في سرك ” نعم إن ثمة مبدعين حقيقيين موجودون ومنهم هذه الجميلة” برعت في هذا الدور ثنائيةً مع الفنان باسم ياخور الصديق الذي حاولت معه استعادة ذكرياتها و أخبرته حكايتها و أسرتنا بشخصيتها المميزة فأضافت الكثير للعمل الذي حقق نسبة مشاهدة عالية ونجاحا كبيرا.. مشهد رحيلها في العمل تاركة رسالة بالصوت والصورة لصديقها ( هلال _ باسم ياخور ) وبكاء الصديق بعد رحيلها طُبع في ذاكرة المشاهد كثنائية للإبداع .
مرتدية فستانها الأبيض وبجانبها بدلة المحبوب الذي رحل عنها في صباها قبل عرسها بيومين فغادرت الحياة مع ذكراه لترينا أنّ وفاء الحب يبقى مهما مضت السنين وحتى برحيل روح الحبيب فكيف إذا كانت المحبوبة شمس الفن الجميل كاسمها في العمل..
نذكرها اليوم حبّاً واحتراماً وتقديراً لفنها الجميل وروحها الهادئة علّنا نستطيع إنصاف المبدعين في حياتهم كي لا نقتصر على ذكر محاسنهم بعد رحيلهم .. رسالة حب في الحياة خير من قصيدةٍ على الأطلال..
زينة رزق-إعلامية